ومما تجب الإحاطة به، فيما أَبهم الأصحابُ: إذا عاد بجميع ماله على الوجه الذي نقول فيه: يبقى الأمان في المال، فلا ينبغي أن يتخذ ذلك المالَ، أماناً له يرجع إليه، ويأخذ البعض، ويُبقي البعض، ويتردّد في ديار الإسلام من غير أمانٍ يتجدد، ولو فعل ذلك، امتدت أيدي المسلمين إليه. نعم، لو دخل ولم يستمكن من استرداد الأموال، وانقلب ثم عاد، فلا بأس عليه. والغرض أنه يقتصر على قدر الحاجة، في استرداد الأموال.
فكل ما ذكرناه تفريع الحكم في حالة الحياة.
١١٣٨٥ - فأما إذا خلّف عندنا أموالاً، ولحق بدار الحرب، ومات في دار الحرب، فإن لم ينقض العهد في خروجه وطروقه، وإنما خرج لبعض وطره في شغلٍ، ثم يعود، فلا شك أن ماله في أمان ما دام حياً، فهاذا مات، فهل يصرف إلى ورثته؟ ظاهرُ المذهب أنه مصروف إلى ورثته كما لو مات هاهنا في العهد على أمواله؛ فإن أمواله مردودة إلى ورثته، وإن كانوا حربيين لا عهد لهم، ولا أمان بيننا وبينهم.
هذا هو المذهب.
فأما إذا كان التحاقه بدار الحرب بعد نبذ العهد إلينا، فإن قلنا: أموالُه عندنا فَيْء (١) في حياته، فلا يخفى أنها تكون فيئاً بعد وفاته، وإذا كنا لا نصرفها إليه وهو حي، فلا شك (٢) أنا لا نصرفها إلى ورثته بعد موته.
وإن قلنا: إن أمواله مردودة عليه في حياته، فإذا مات، وقد كان نبذ العهد إلينا، ففي أمواله حيث انتهى التفريع إليه قولان في الأصل: أحدهما - أنها تصرف إلى ورثته كما كانت تصرف إليه في حياته.
والقول الثاني - أنها تصير بعد موته فيئاً؛ وذلك أنا كنا نعلّق أمان ماله بعُلقة أمانه على معنى أنه يعود، فيأخذها. فإذا مات وقد كان نبذ إلينا العهد في الحياة، وانضم
=وبعضهم يقول: بالذال، وبعضهم يقول: بالزاي. (المصباح).
(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في الأصل: " يشكل ".