وقال المزني فيما نقله عنه الناقلون: يجب على الجاني أرش اليدين، مائتان من الإبل، وقد نبهنا على هذا في الجراح، وذكرنا غائلتَه، وغرضُنا الآن الاقتصارُ على تراجم.
ومن الأصول المقدمة أن من قطع يدي مسلم ورجليه، ثم ارتد المجني عليه، ومات مرتدّاً، فالمذهب أنه لا يجب على الجاني إلا ديةٌ واحدة.
وقال الإصطخري: يجب عليه أروش الأطراف، وهذا مما مضى مبيَّناً.
ومما يُحتاج إليه في المسألة التي انتهينا إليها أن من جرح مسلماً، فارتد المجروح، ثم عاد إلى الإسلام، ومات بتلك الجراحة مسلماً، ففي وجوب القصاص على الجاني تردّدٌ؛ فإن أوجبناه، فلا شك أن الدية تكمّل إذا آل الأمر إليها، وإن لم نوجب القصاص، فالمنصوص عليه أنه يجب تمام الدية، وخرّج ابن سريج قولاً أنه يجب ثلثا الدية، ويهدر ثلثها، فوزَّع الدية على حالتي الضمان، وحالة الإهدار، المتخللة، وذكر بعض الأصحاب قولاً آخر أنا نهدر نصفاً، ونوجب نصفاً.
١١٣٨٨ - فإذا تجدد العهد بما ذكرناه، عدنا إلى مسألتنا التي صورناها. وهي: إذا جرح مسلم ذمياً، فنقض المجني عليه العهدَ، والتحق بدار الحرب، والسرايةُ باقية، فاستُرِق، ومات في يد مالك رقّه بتلك السراية، فحاصل ما نقله الأصحاب فيما يجب على الجاني ثلاثةُ أقوال: الأولان منهما منتظمان: أحدهما - أن الجاني يلتزم أقلَّ الأمرين من أرش الجناية، أو قيمة الرقيق، ونقدر أرش الجراحة دية يهودي، والرجوع في القيمة إلى السوق، فيجب على هذا القولِ على الجاني الأقلُّ من الأرش أو القيمة. والقول الثاني - أنه يجب القيمة بالغةً ما بلغت، ولا نظر إلى الأرش.
وحكى القاضي، والإمام والدي قولاً ثالثاً، أن الجاني يلتزم أرش الجناية بالغاً ما بلغ، ولا نظر إلى مقدار القيمة. وهذا أضعف الأقوال توجيهاً.
توجيه الأقوال (١):
١١٣٨٩ - من قال: يجب أقلُّ الأمرين، احتج بأن قال: إن كانت القيمةُ أقلَّ،
(١) زيادة اقتضاها السياق.