على وجهٍ لا يغادر مشكلة، إن شاء الله عز وجل.
ثم قال: لو أعتق مالكُ المسترَق، فهل ينجرّ الولاء إليه؟ فعلى وجهين. وهذا يستدعي الإحاطة بجر الولاء وموضعه، وسيأتي ذلك كله في موضعه من باب الولاء إن شاء الله تعالى.
وإذا انتهينا إلى ذلك الباب أعدنا هذه المسائل في الولاء، وتداركنا ما فيها من إبهام، إن شاء الله عز وجل.
فصل
قال: " ومن خرج إلينا منهم مسلماً ... إلى آخره " (١).
١١٣٩٥ - من خرج إلينا مسلماً من الكفار قبل الظفر به، عصم دمه وأحرز ماله ولا فرق بين العقار والمنقول، فلو كانت له أموال في دار الحرب لم نعرض لشيء منها، ولا فَصْل بين مالٍ ومال. فأما الأولاد، فإن كانوا صغاراً ثبت لهم حكم الإسلام تبعاً، وإن كانوا كباراً، فلا يلحقهم من عصمة إسلام أبيهم شيء (٢)؛ فإنهم مستقلون، فإن أرادوا العصمة، فليسلموا، والإسلام لا يجري مجرى العهود والمواثيق التي تعقد للواحد مرة والجمع أخرى، وإنما هو اتصافٌ بالدين، ثم مالُ المسلم معصوم كدمه، والمتعلقون به يُعصمون لإسلامهم لا لإسلام من ينتمون إليه.
وهذا على وضوحه يزداد بياناً بأن نفرّق (٣) بين الإسلام والذمة، فنقول: من عقدنا له الذمة تعدّت قضية الذمة إلى زوجاته وبناته الكفار، كما تتعدى إلى أمواله؛ فإنه بذمته يبتغي أن نُقرّه مع أهليه في دار الإسلام، والبنت الكبيرة لا تقبل الجزية بنفسها، فاندرجت تحت الذمة المعقودة للذمي.
ومن أسلم من الكفار، وله بنت كبيرة حربية، فعصمة إسلام الأب لا تلحقها؛ فإنها متمكنة من الإسلام انفراداً، فلْتُسلم، وهي من طريق التقريب والتشبيه في
(١) ر. مختصر المزني: ٥/ ١٨٩.
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) في الأصل: " فرّق ".