ولو رتب مرتِّبٌ هذه المسائل بعضَها على بعض، لأشعر الترتيب بتفاوت المراتب وأقدارها في قضايا الفقه.
فهذا ترتيب القول في الحال الذي يجوز فيه إقامة النافلة على الراحلة.
الفصل الثاني
في بيان الفرائض وما في معانيها في ذلك
٧١٦ - فالفرائض لا تقام على الرواحل وإن كانت واقفةً، والمصلي مستقبل قادر على إقامة الأركان كلِّها.
ولو كان على ظهر بعير معقول، فلا تصحّ الفريضة أيضاً؛ فإن المفترض مأمور بالتمكن في صلاته على الأرض، أو ما في معناها.
ويصلي على السفينة وإن كانت تتحرّك به، كما تتحرّك البهائم بأصحابها؛ فالماء على الأرض كالأرض، والسفينة صفائحُ مبطوحة على الأرض، والحيوان -وإن كان معقولاً- غيرُ معدودٍ من أجزاء الأرض.
وإقامة الصلاة في السفينة وهي تسير يؤخذ مأخذ الرخص؛ فإن هذه الحركات في حكم الأفعال الكثيرة؛ ولكن لما جاز ركوب البحر، فلا معدل -لمن ركبه- عنه في أوقات الصلوات. والغالب أن السفينة تجري، ولا اختيار في ربطها، فلم يُبال الشرع بتلك الحركات.
والمسافر على البرّ يتصوّر منه أن يسكن ويصلي، وإن كانت الضرورة تحمله على ترك النزول في أوقات الصلاة، فرخصةُ الجمع تأخيراً أو تقديماً في معارضة هذه الضرورة كافية.
وممّا يتعلق بهذا أن المتردّد على الزواريق (١)، وهو مقيم في بغداد أو غيره، إذا كان يتمّم الأركان، ويستديم الاستقبال، فهل يُصلي الفرضَ، والأفعالُ تكثر بجريان
(١) جمع زورق، وهو القارب يدفع بالمجاديف. والمراد هنا، القوارب التي كانت تتردّد بالناس بين شاطئي دجلة، داخل بغداد حيث راكبها مقيم.