إلى الإسلام، ومنها ما يرجع إلى معنيين. فإذا صدرت هذه الأصناف منهم، فللأصحاب طريقان: قال العراقيون، وصاحب التقريب: في المسألة ثلاثة أوجه: أحدها - أن العهد ينتقض، كما (١) منعوا الجزية، أو قاتلوا، أو امتنعوا عن إجراء الأحكام، والأوْلى أن نقول في إيضاح هذا القسم: إن العهد ينتقض بما يظهر ضرره، قياساً على ما اشتمل عليه القسم الأول. وقد مضى تفصيل القول في القسم الأول، وتوجيه هذا الوجه، أن ما صدر منهم من هذه العظائم ينافي الأمن والأمان، فشابه ما لو نصبوا القتال.
والوجه الثاني - أن العهد لا ينتقض، لأنهم بما فعلوا، لم يقاطعونا، ولكن صدر منهم منافاة وأسباب (٢) هي بالإضافة إلى الذمة كالكبائر، بالإضافة إلى الإسلام.
والوجه الثالث - أنهم إن شرط عليهم انتقاض العهد لو قَدِمُوا (٣) على ما وصفنا، انتقض العهد بها إذا صدرت منهم، وإن لم يجر شرط انتقاض العهد لا ينتقض العهد. والقائلان الأولان لا يغيّران ما اعتقداه بالشرط، أما من حكم بالانتقاض مطلقاً، لم (٤) يجعل للشرط موقعاً، واعتقد هذه الأشياء منافية بأنفسها، كنصبهم القتال.
ومن قال: لا ينتقض العهد بها، يقول: لو فرض شرطٌ، حمل على التخويف، وتحقيق الزجر. وسيكون لنا في هذا الفن مزيد كشف في القسم الثالث. إن شاء الله.
وأما التفصيل فبيّنٌ. هذه طريقة.
وقال الصيدلاني، وغيره من محققي الأصحاب: إن لم يجر شرطٌ، لم ينتقض العهد بهذه الأشياء، وإن جرى شرطٌ، ففي انتقاض العهد وجهان. وهذه الطريقة إذا ضُمت إلى الطريقة الأولى، انتظم من تضامّهما أنّا في وجهٍ لا نحكم بالانتقاض أصلاً،
(١) كما: بمعنى عندما.
(٢) (هـ ٤): " هنات وسيئات ".
(٣) قدِم على الأمر من باب (لعب): أقبل عليه، وقدِم على العيب رضي به. (المعجم).
(٤) جواب (أما) بدون فاء.