ملازمة الخِطة (١) والدار، وهذا يحوج إلى مزيد تقرير في قطع الطريق؛ فإن القتل في الدم بمثابة السرقة في المال.
فهذا ما أردنا أن نذكره في ذلك، وقد يلتحق بهذا القسم شيء، ولكن الترتيب يقتضي ذكرَ القسم الثالث أولاً، ثم إذا انتجز، اشتغلنا به.
١١٤٦٦ - فأما القسم الثالث - فهو في بيان أمور تصدر منهم، ممّا (٢) لا يقع في القسم الأول، ولا يتعلّق به إضرارٌ بيّن، وذلك كإظهارهم الخمور، وإسماعنا النواقيس، وتركهم الغِيَار (٣)، وإظهارهم معتقدهم في المسيح، مما يُكفَّرون به، فهذه الأشياء في أعيانها لا تنقض العهد أصلاً باتفاق الأصحاب، ولكنا نمنعهم، وقد نُعزِّرهم.
وهذا كله إذا لم ينته الأمر إلى الإضرار، والامتناع، والتجمع، فإن هذا يلتحق بالامتناع عن جريان أحكام الإسلام، وقد مضى فيه البيان الشافي.
ولو شرط الإمام عليهم ألاّ يفعلوا هذا، ففعلوه، لم ينتقض عهدهم؛ فإن الشرط على هذا الوجه لا يُغيّر حكم الانتقاض ثبوتاً، وانتفاءً. ولو شرط الإمام عليهم انتقاض العهد، لو فعلوا ما وصفناه، فقد قال الأئمة: يحمل الشرط في هذا على التخويف. وهذا كلام مبهم، لا أستجيز الاكتفاء به.
وتفصيله أنا سنذكر بعد هذا -إن شاء الله تعالى- الاختلافَ في أن الذمة المؤقتة هل تصح؟ فإذا قال عاقد الذمة: إن أظهرتم خموركم، فلا عهد، أو انتقض العهد، فهذا تأقيت للذمة، فمن يُجوّزُ تأقيت الذمة إلى أمد، لا يبعد عنده تأقيت الذمة إلى إظهار فعلٍ، فعلى هذا يجب القضاء بالانتقاض.
ومن قال: الذمة المؤقتة فاسدة، فيجب عنده القضاء بفساد الذمة من أصلها، وليس للإمام أن يعقد مثل هذه الذمة على هذا الوجه، ولا بدّ مما ذكرناه إذا صرح
(١) في الأصل: " الخطر " والمثبت من (هـ ٤).
(٢) في الأصل: " فيما ".
(٣) الغِيار للذمي كالزُّنّار للمجوسي علامة يتميز بها، وهو شيء كالحزام يشدّ على وسطه.
(المعجم والمصباح).