فيه اختلاف، والأوضح أنا نغرم؛ لأنا نمنعها بسبب الإسلام، فلا فرق أن يوجد المانع فينا، وبين أن تأتينا معه متصفةً به، فإن عماد الغرم المنع.
ولو جاءت وكانت أسلمت وارتدت والتحقت بنا مرتدة، فإذا جاء الزوج مطالباً، فهل نغرم له؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنا نغرم لمنعنا إياها، والتعويل عليه، لا على صورة الإسلام. والوجه الثاني - أنا لا نغرم، لأنها كافرة، وإنما يجب الغرم إذا منعناها بسبب الإسلام. ويمكن أن يقال: سبب منعنا إياها أن نقتلها إن أصرّت، وهذا وجه ضعيف. والصحيح وجوب الغرم.
ولو جاءتنا مجنونة، فإنا لا نردها؛ لجواز أن تكون مسلمة وكانت أسلمت، ثم جنّت، وإذا جاء الزوج مطالباً، فهل نغرم له شيئاً لجواز أن تكون كافرة؛ فيبنى أمرها في المنع والغرم على مقتضى الاستيقان، فما لم نعلم كفرها، فلا نردها تغليباً لحرمة الإسلام، والأصل براءة الذمة، فلا نغرم من غير ثبت.
ولو جاءتنا صبيّة تصف الإسلام، وكانت مميّزة، فإذا أظهرت الإسلام، انبنى هذا على الخلاف في صحة إسلام الطفل، فإن حكمنا بصحته، فهي كالبالغ؛ فنمنعها، ونغرم مهرها، قياساً على البالغة. وإن قلنا: لا يصح إسلامها، فلا نردها لحرمة الكلمة، وهل نغرم؟ فعلى وجهين: أحدهما - لا نغرم كما لو كانت مجنونة.
والثاني - نغرم، لأن ظاهر حالها أن تستمرّ على الإسلام إذا أصدرت قولها عن تمييز.
هذا هو الترتيب.
وأبعد بعض أصحابنا وقال: إنها ترد؛ فإن ما جاءت به ليس بإسلام، وليست كالمجنونة البالغة التي نظن أنها أسلمت ثم جُنت، وهذا له اتجاه في القياس، ولكنه مطّرح غير معتدٍّ به، وقد أجمع أصحابُنا على أن الصبي إذا كان يصف الإسلام يحال بينه وبين أبويه الكافرين؛ فإنّ صَدَر (١) ذلك عن مميز يُغلّب على الظن تعلق قلبه بالهدى؛ وظنُّ توقّع الإيمان إذا غلب، لم يعطل.
١١٥١٤ - نوع آخر في بيان من نغرم له، فإذا جاءتنا امرأة وأسلمت، فجاء أبوها،
(١) صَدَر: أي صُدُور، كما نبهنا على ذلك مراراً.