وهذا الذي ذكره في الاقتصار على الإيماء في الركوع والسجود منقدح، فأما استقبال القبلة، فالوجه اشتراطها في ظاهر المذهب في حق الواقف، فإنّا ذكرنا أنه إن كان زمام ناقته بيده، تعيّن عليه استقبال القبلة عند التحرم، وفيه من الخلاف ما قدمناه.
وقد ذكرنا أن من كان في مرقد وتمكّن من الركوع والسجود، لم يقتصر على الإيماء، وتعيّن عليه الاستقبال في جميع الصلاة؛ فإنّه ليس ملابساً حالةً يعتبر (١) فيها الإيماء، وإذا ركب (٢)، فهذه الحالة يتعذر فيها الإتمام، ولا ننظر إلى أنه لا ضرورة في الركوب؛ فإن هذا يجرّ إسقاطَ الرخصة في السفر في حق من سفرُهُ مباح، ولا ضرورة عليه في ابتداء السفر، ولا حاجة أيضاً؛ فإن القواعد إذا أسست للحاجة، لم يراع في تفاصيلها الحاجة.
فهذا إذا لم يقصد الإقامة.
٧٣١ - فأمّا إذا انتهى إلى بلدته، أو إلى موضع آخر، ونوى الإقامة بها، وهو في أثناء الصلاة النافلة، فلا يتمم الصلاة راكباً -إذا فرّعنا على الأصح في أن المقيم لا يتنفل راكباً- ولكنه ينزل ويبني على صلاته مستقبلاً، ويتمم الأركان في بقية الصلاة، وهذه الحركات (٣) تفرض خفيفةً، بحيث لا تبلغ مبلغ الفعل الكثير المبطل للصلاة.
وسنذكر تفصيل ذلك في الصلاة المفروضة في حق الخائف إذا كان يقيمها في حالة الخوف راكباً، ثم أمن في أئناء الصلاة، فنزل فبنى. وظاهر نصّ الشافعي في حق الخائف أنه لو افتتح الصلاة آمناً، ثم طرأ الخوف، فركب، لم يصح، وفيه تفصيل طويل.
والظاهر عندي أن المتنفل لو أراد الركوب في أثناء الصلاة، فإنه يبني على صلاته،
(١) في (ت ١)، (ت ٢): يغير فيها الإتمام.
(٢) وإذا ركب: أي ابتدر الركوب قبل أن ترحل الرفقة؛ فهذا الكلام من بقية الصورة نفسها.
(٣) وهذه الحركات: أي حركة النزول والتوجه إلى القبلة.