ثم إذا أحللناه، ففي اشتراط ذبحه قولان: أحدهما - أنا نشترط ذبحه قياساً على سائر الحيوانات البرية، وحلُّ ميتة السمك مستثنى عن القياس بحكم الخبر، فلا مزيد عليه.
والقول الثاني - أنا لا نشترط الذبح اعتباراً بالسمك؛ فإنه يساوي السمك في القرب من حالة الذبح (١) كما (٢) أُخرج من البحر، ولعل السبب المُحِل لميتة السمك أن الوصول إلى السمك وهو في الماء عسر، بخلاف الصُّيود البرية، فإذا هي اصطيدت وأخرجت من الماء، اضطربت اضطراب المذبوح، وهذا المعنى (٣) يتحقق فيما عدا السمك.
فأما الحيوانات التي لها نظير في البر، فهي منقسمة: فمنها ما نظيره حلال في البر، فهو حلال في البحر، والقولان جاريان في اشتراط ذبحه، وتحليل ميتته.
وإن كان نظيره في البر حراماً ككلب الماء، وخنزير الماء، ففي حل هذه الأجناس قولان: أحدهما - أنها محرمة ككلب البر وخنزير البر؛ فإنّ أقصى ما يُتَعلَّق به الاشتباهُ في هذا المحل (٤)، ثم أقرب مسالك الاشتباه الخِلقة، فإذا شابه ما ذكرناه الكلبَ أو الخنزير، وجب القضاء بتحريمه. والقول الثاني - أنه يحلّ؛ فإنه ليس كلباً ولا خنزيراً.
ثم إن قلنا: إنه يحلّ، فهل نشترط الذبح؟ فعلى القولين المقدمين. قال الأئمة: القولان في اشتراط الذبح مبنيان على أن جميع حيوانات البحر هل تدخل تحت اسم السمك أم لا؟ فإن قلنا: إنها سمك، وإن اختلفت صورها، حلت، ولم يشترط ذبحها، وإن قلنا: لا تدخل تحت اسم السمك، ففي حلها التفصيل المقدم.
ثم هل يشترط الذبح فيما يحلّ أم يحل ميتتها من غير ذبح؟ فعلى ما قدمنا.
وكل ذلك في الحيوانات المائية، وهي التي لا عيش لها في البر.
(١) ت ٦: " في العرف من حالة المذبوحين ".
(٢) كما: بمعنى عندما.
(٣) سقط من الأصل.
(٤) في الأصل: " المجال ".