ولسنا نذكر هذه الأسباب حتّى يظنّ الظان أنا نشترطها لتعيّن الشاة، ولكنا ذكرناها ليتبيّن المتبيّن أن للتعيين مساغاً ومساقاً على الجملة.
ولو كان على الرجل دراهم مطلقة عن جهة من جهات القربة، فقال: عيّنت هذه الدراهم لما عليَّ، فقد وجدت الطرق متفقة على أن التّعيين يلغو في هذه الحالة.
١١٦١١ - فإذا ثبت ما أرسلناه من المسائل، فلا بد من ضبطها، وفي التضحية ثلاث صور: إحداها - التعيين المجرد من غير التزام مقترن أو سابق، وهو موجبٌ ملزم على ما سيأتي أحكام التعيين.
والصورة الثانية - أن يتقدم التزام مطلق غيرُ متعلِّق بعينٍ ثم يُفرض تعيين ضحية عن جهة النذر، ففي حصول التعيين وجهان، ولو فرض مثل هذا في العتق ففي التعيين وجهان أيضاً، والعتق أولى بقبول التعيين، لما نبهنا عليه من استحقاق العبد حق العتاقة.
والصورة الثالثة - الجمع بين صيغة الالتزام والتعيين، وفي التعيين في هذه الصورة وجهان مرتبان على الوجهين في الصورة الثانية، والأخيرة أولى بقبول التعيين، لما نبهنا عليه. والخلاف يجري في نظير هذه الصورة من العتق، ولكن العتق يترتب على التضحية، وهو بالتعيين أولى.
ولو قال الرجل: لله عليَّ أن أتصدق بدراهم على هذا الشخص، فلا يبعد أن ينزل هذا منزلة ما لو قال: لله عليَّ أن أعتق هذا العبد، وهذه الصور الثلاث التي أجريناها في التضحية والعتق نجريها في الدراهم وغيرها، فلو قال مالك الدراهم: جعلت هذه الدراهم صدقة، فالتضحية في مثل هذه الصورة تتعيّن وجهاً واحداً، وفي تعيين الدراهم خلافٌ للأصحاب إذا جرى التعيين المحض على الصيغة التي ذكرناها.
ولو قال: عيّنت هذه الدراهم لزكاتي أو نذري، فالذي قطع به الأصحاب أن هذا يلغو؛ لأن التعيين ضعيف في الدراهم، والتعيين ضعيف في معنى الصرف إلى الملتزِم المطلق، فإذا جمع الأمران، اقتضيا إلغاء (١) التعيين، وهذه الصورة ليست خالية عن
(١) في (هـ ٤): فساد.