على ترتيبه بعد أن نُمهِّد أصلاً فيهما يتعلق ببيان الخبر والاستنباط منه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا سبْق إلا في خُف أو حافر أو نصل " وأراد بالخُفّ الإبل، وبالحافر الخيل في ظاهر ما يظن، وأراد بالنصل السهم في ظاهر الظن، والمعنى الذي تخيله الأصحاب التحريض على تعلم الفروسية والرماية كما قال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} الأنفال: ٦٠، قيل: القوة هي الرَّمي. ولا غَناءَ في إعداد القسيّ والسهام مع الخُرق، وعدم العلم بكيفية الرماية، وكذلك لا غناء في إعداد الخيل من غير معرفة بالفروسية، فالإعداد يُشعر بالتوصّل إلى ما لا غنى عنه في التعلم، فهذا ما ذكره الأصحاب.
ثم لا خفاء بأن الإبل معيّنة، وهي ذات الخفاف، والخيل كذلك، وهي ذات الحوافر، فيجوز المسابقة على الإبل، ويجوز على الخيل، وتفارق الإبل الخيلَ في استحقاق السهم في المغنم؛ فإن استحقاق السهم لا يتحقق إلا بالخيل، نعني الزائد على سهم الرجّالة، واستوت الخيل والإبل في جواز المسابقة عليها، وهذا قد يختلج في الصدر؛ فإن المسابقة عليهما قد أثبتتهما (١) عدتين للقتال، ولكن لا مطمع في تقريب أحد الحكمين من الثاني، ولا خلاف بين الأصحاب في افتراق القاعدتين.
والممكن في الفرق أن الخيل متهيئة (٢) للانعطافات التي هي عماد القتال، وبها يتم الكر والفر والتدْاور، وسهم القتال يليق بعُدد القتال، وليس في الإبل ما أشرنا إليه، وإن كان فيها غناءٌ على حال، وما فيها كافٍ في التحريض على تعلم ركوبها وإجرائها.
١١٦٥٢ - ثم يطرأ في التفريع ما يندرج تحت الاسم ويوجد فيه المعنى، وما لا يندرج تحت الاسم ويوجد فيه المعنى، وما لا يندرج ويبعد عن مسلك المعنى.
وهذه الأقسام نبتديها بعد شيئين: أحدهما - الاكتفاء بجنس الخيل وجنس الإبل، وإن لم يكن فيما يقع التسابق عليه كثير عَدْوٍ وركْض؛ تعويلاً على الجنس،
(١) في الأصل: " فإن المسابقة عليهما أثبتا عدتين للقتال " و (هـ ٤): " قد أثبتتا ". وما في اللفظ من تصرفٍ هو من عمل المحقق.
(٢) هـ ٤: "متهيبة".