والقدر الذي يتعلق بما نحن فيه أنّه إن استمر طلب الصواب في أثناء الصلاة زماناً، والتفريع على أن الصلاة لا تبطل، فقد كان شيخي يقول: هذا بمنزلة ما ذكرتُه من الشك في النية.
وهذا مشكل عندي؛ فإنه إلى أن يتعين الصواب يكون وجهه منحرفاً عن القبلة. والوجه عندي: أن يمثَّل هذا بما لو صُرف وجه الرجل عن القبلة؛ فإنه إن دام ذلك زماناً، بطلت الصلاة، وإن لم يمض ركن -وإن قصُر الزمان- ففيه الكلام المستقصى في أول الباب.
ولقد (١) شبهت هذه الصورة بما قدمته؛ لأن الذي صُرف وجهه معذور في نفسه، وكذلك الذي استدبر الكعبة مجتهداً، فهو على القول الذي نفرع عليه معذور، ثم إذا بان الخطأ، فمن وقت بيانه يجعل كالذي يُصرف وجهه عن القبلة، ولا يشك الفقيه أن الأَوْجَه الحكم ببطلان الصلاة؛ لغموض الاستمرار على الخطأ، واستئخار إمكان الصواب.
فهذا كله فيه إذا تيقن الخطأ في جهة استقباله.
٧٥٥ - فأما إذا لم يتيقن، ولكن تغير اجتهادُه، فأدى ظنّه إلى أن القبلةَ ليست في الجهة التي حسبها أولاً، فقد ذكرنا أن ذلك -إن فُرض بعد الفراغ من الصلاة- فلا يجب قضاء الصلاة؛ بناءَ على أن الاجتهاد لا يُنقض بالاجتهاد. فإذا طرأ ذلك في أثناء الصلاة، فلا سبيل إلى الدوام على موجب الاجتهاد الأول؛ فإن ذلك الاجتهاد قد زال، وحدث ظن يخالفه، ففي بطلان الصلاة قولان: أحدهما - البطلان، لتعذر المضي واختلاف بنائه. والثاني - لا نحكم على الجملة بالبطلان، ويبني على صلاته إن أمكنه البناء، كما سنفصله في التفريع.
فإن حكمنا ببطلان الصلاة، فإنها تنقطع، ويفتتح الصلاة إلى الجهة الثانية التي أدّى اجتهاده الثاني إليها.
وإن قلنا: لا تبطل صلاته، فينظر: فإن غلب على ظنه بطلان الاجتهاد الأول،
(١) في (ت ١): ولهذا. وفي (ت ٢) وأنا. وفي (ل): "وإنما".