المعاملة وجهان: الأصح - أنها لا تصح؛ للجهالة، والقرب لا ضبط له. والثاني - أنها تصح.
ثم في تفريع ذلك وجهان: أحدهما - أنه يحمل على قِيد سهم، وهذا كلام سخيف، لا أعرف له قياساً، ولا أمراً يرجع إلى عادة الرماة، وصاحبه يدعي أن هذا حد القُرب في عادة الرماة. ومنهم من قال: مطلق القرب محمول على الاعتداد بالقرب، فالأقرب، بتأويل أن القريب يُخرج البعيد، ثم هؤلاء اختلفوا على وجهين آخرين: فقال بعضهم: إذا اتفقت سهام قريبة لأحدهم، والبعضُ أقرب من البعض، وأبعدها أقرب من أقرب صاحبه، فالسهام بجملتها محسوبة له.
ومنهم من قال: أقربه يُسقط أبعده أيضاً.
وكل ذلك خبطٌ، والذي يجب القطع به أنه لا بد من ذكر ذلك وضبطه بالشرط، والرماة يعتادون إبانة ذلك.
ولو ذكروا مقدار القرب، وتعرضوا للغرض والقرب منه، فالسهم الذي يثبت أسفل الغرض على الحد المشروط من القرب، أو على جانبه قريب محسوب، والسهم الذي يقع فوق الغرض، ويثبت على حد القرب المشروط محسوب على الأصح.
وذكر شيخي قولين: أحدهما - ما ذكرناه، وهو الذي يجب القطع به، والثاني - أنه لا يحسب، فإنه يشير إلى الزهوق والسهم الزاهق لا يعتد به، وكان يشير في هذا إلى عادة الرماة، ولا أصل له؛ فإن القُربَ محقّق، والسهمُ سديد ثابت، وفي الرماة من يستحسن ما يقع فوق القرطاس.
وإذا شرط القريب، فوقع السهم بالقُرب من الغرض، ولم يثبت، فهذا غير محسوب؛ فإن القريب وجب أن يثبت أو يصيب ثم يرتد، فإذا لم يُصب، فهو ساقط، والمعنى يُحسب القريب احتساب السهم المصيب لحيّز القُرب، فقد ذكرت أن القُرب إذا ضبط، فكأن الغرض قد اتّسع.
١١٦٨٨ - وممَّا كان يذكره شيخي أن المناضلة إذا عقدت على احتساب القريب، ووقع التعرض لمنتهى القُرب ضبطاً بالشرط، فمقتضى المعاملة أن يُخرج قريبُ أحد