غزلها، وسَداه من غزل غيرها، أو على العكس، قال القاضي: لا يحنث، وذلك أن اسم الملبوس ينطلق على الثوب، وليس البعضُ يسمى ثوباًً على حيالِه، واللبس يتناول الثوب، فإنه لو التف بالغزل، لم يكن لابساً.
وهذه المسألة فيها نظر: من جهة أنه يقال: لبس فلان من غزلها، وذِكْرُه الغزل من غير تعرض للثوب أصدق شاهدٍ في هذا.
ولو قال: لا ألبس من غزل نِسوتي، فغزلن ونسج النّاسج، فالثوب من غزلهن، فلو قلنا: لا يحنث، كان بعيداً، وإذا قلنا: يحنث وهو الوجه، فواحدة منهن لم تهييء من غزلها ثوباً على حياله. نعم، لو قال: لا ألبس ثوباً من غزل المرأة، فإذا لبس ثوباًً فيه غزلها وغَزْلُ غيرها، فالوجه أن لا يحنث قطعاً، فإنه لم يلبس من غزلها ثوباًً.
فصل
قال: " ولو حلف لا يلبس ثوباًً منّ به فلان عليه ... إلى آخره " (١).
١١٧٧٤ - إذا حلف لا يلبس ثوب فلان، فاتّهبه، أو اشتراه، واللفظ مطلق، لم يحنث؛ فإنه ما لبس ثوب فلان، وإنما لبس ثوب نفسه إذا (٢) ملكه.
ولو قال: لا ألبس ثوباًً منّ به فلان عليّ فوهبه منه، فلا شك أنه يحنث بلبسه، فلو باعه بثوب آخر، ولبس الثوب الثاني، لم يحنث؛ فإن الملبوس ليس ممنوناً به، فلو باع فلان منه ثوباً مسامحةً، كأن يساوي مائة، فباعه منه بدرهم مثلاً، فإذا لبسه، لم يحنث؛ فإن المن لم يحصل بالثوب، وإنما حصل بالحط من ثمنه.
ولو قال: لا ألبس مما وهب فلان، لم يحنث بما سيهبه بعد اليمين؛ لأن قوله: " وهب " للماضي لا غير وهو كما ذكرناه في قوله لا ألبس مما غزلت، والباب وقياسه بينان.
(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٣٢.
(٢) إذا: بمعنى (إذ).