والحالة هذه، وقد ذكرنا هذا النوع مستقصىً في كتاب الطلاق، إذا علّق الرجل الطلاق بمستحيل قيّده بوقت منتظر، مثل أن يقول: إن لم أصعد السماء غداً، فعبدي حُر، أو امرأتي طالق، فهل يعجل الطلاق، أو العتاق في الحال؟ فيه خلاف مشهور، وهذا ذاك بعينه.
التفريع:
١١٧٨٣ - إن حكمنا بأنه يحنث في الحال، فلا كلام، وإن أخرنا الحنث إلى الغد، فمتى يحنث غداً؟ فعلى وجهين آخرين: أحدهما - أنه يحنث كما (١) مَرّ وقت يسع الأكل، لو كان المأكول باقياً.
والثاني - أنه لا يحنث ما لم تغرب الشمس من الغد؛ فإن الوقت أُثبت للاتساع في طلب البرّ، وهذا الوجه ضعيف في هذا المقام؛ فإنا إن أخرنا الحكم بالحنث إلى الغد، فسببه أنا نعتقد انعقاد اليمين في الغد، فأما انتظار غروب الشمس بناء على الفسحة، وقد فات الإمكان، فبعيد لا أصل له.
١١٧٨٤ - ولو قال: لآكلن هذا الطعام غداً، ثم إنه أكله في يومه؛ فإنا نحنّثه؛ فإنه المتسبّب إلى تفويت البرّ، ثم متى يحنث؟ فيه الخلاف الذي قدمناه.
ولو أكل بعض الطعام وبقَّى بعضه، حَنِث أيضاً؛ لأن البرّ إنما يحصل بأكل جميع الطعام في الغد؛ فإذا تعذّر هذا باختياره، كان كما لو أكل الجميع (٢).
ولو قال قائل: إن كنتم تؤخرون الحنث إلى الغد، فلا تعتبروا بالأكل في اليوم، وإن كان عن اختيار، فإنه اختيار في غير الوقت المعتبر، قلنا: حقُ هذا السؤال أن يستمسك به في تضعيف ذلك الوجه، والمذهب الحكم بحصول الحنث في الحال، ثم فائدة الاختلاف في تعجيل الحنث وتأخيره النظر في صفة الحانث في التفريع على أن (٣) الاعتبار بحالة الحنث في صفة الكفارة، أو بحالة الأداء، ولو صام وقد حكمنا بالحنث أجزأه، وإن لم نحكم، لم يجزئه؛ فإن الصوم لا يقدم على وجوبه.
(١) كما: بمعنى عندما.
(٢) أي أكل الجميع قبل الغد.
(٣) زيادة من (هـ ٤).