النهي. وقال الشيخ أبو علي: لا يحرم ولا يكره- ولكن أبان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن القُربةَ المقصودةَ في قصد المساجد الثلاثة، وما عداها ليس في قصد أعيانها قربة، وهذا حسن لا يصح عندي غيره.
فأما إذا نذر إتيان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إتيان المسجد الأقصى، فهل يلتزم بالنذر الوفاءَ؟ فعلى قولين مشهورين: أحدهما - أنه لا يلتزم؛ إذ لا يتعلق بالمسجدين نسك، فصارا كسائر المساجد. والثاني - أن النذر يلزم الوفاء في المسجدين؛ لأنهما مخصوصان من بين المساجد بمزيّة، كما سنبيّن شرحَها في التفريع، إن شاء الله؛ فأشبها المسجد الحرام.
التفريع على القولين:
١١٨٥٠ - إن قلنا: لا يلتزم الناذر شيئاً، فلا كلام، وإن قلنا: يلتزم الوفاء بالنذر، فهل يلزمه أمر سوى إتيان المسجد (١)؟ فعلى وجهين: ذكرهما الشيخ أبو علي في الشرح: أحدهما - أنه يلتزم قربةً؛ فإن إتيان المسجد من غير قربة زائدة على الإتيان ليس قربة، ولا يستقل النذر ما لم يتعلق بالقربة.
والوجه الثاني - أنه لا يلتزم شيئاً سوى الإتيان؛ فإنه لم يذكر غير الإتيان، فلا معنى لإلزامه ما لم يذكره، ولم يلتزمه، ومبنى النذر على الاقتصار على المذكور.
التفريع:
١١٨٥١ - إن حكمنا بأنه يجب ضم قربة من المسجد المأتيّ إلى إتيانه، فحاصل ما ذكره الأصحاب أوجه: أحدها - أنه تتعين الصلاة، فليصل الناذر في المسجد الذي أتاه صلاة صحيحة. ومن أصحابنا من قال: يعتكف فيه لحظة، ومنهم من قال: يتخير بين الصلاة والاعتكاف.
وذكر الشيخ أبو علي في الذي أتى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاء بالنذر أنه لو زار قبر النبي عليه السلام -وهو في خِطة المسجد- وقال: كفاه ذلك؛ فإنه أتى بقربة، وهذا الذي ذكره فيه نظر؛ فإن زيارة قبر الرسول عليه السلام ليست من
(١) في الأصل: " المشي ". والمثبت من (ق).