ولو كتب كاتب إقراراً، أو كُتب عنه بإذنه، فأشار إلى مجموعه وقال: الإقرار المثبت في هذا الذِّكر (١) إقراري وأنا معترف بجميع ما أُثبت في هذه الأسطر، فالوجه عندنا ثبوت الإقرار وجواز تحمل الشهادة، ثم إذا أشار الشهود إلى الذِّكر، كان المشهود مؤاخذاً بتفصيل المكتوب فيه. فإذا قال القاضي أشهدتكما على قضائي وحكمي المكتوب في هذا الكتاب، فالوجه جواز ذلك. والذي حكاه معظم الأصحاب خلافه.
فهذا مواقع البحث من المراسم التي ذكرناها.
١١٩٣٣ - ونحن بعد ذلك نخوض في المسائل وتفاصيلِ الأمر، بعد تمهيد قاعدةٍ: وهي أن القاضي إذا قضى بالبينة واليمين، وأبرم القضاء، فقد تم الأمر، ولا يتعلق بالمكتوب إليه إذا ثبت القضاء عنده عُلقة من الحكم، وإنما هو مستعان في إيصال حق ثابت إلى مستحقِه؛ وإذا بان أنه ليس إلى المكتوب إليه من الحكم الأول شيء، فيترتب على هذا أمور: منها - أن القاضي الكاتب لا يلزمه أن يفصّل البينةَ القائمةَ في أصل الخصومة، وليس عليه أن يرفع أسماءهم ويتشوَّفَ إلى إعلامهم، بل يكفيه أن يقول: قضيت لفلان بحجة شرعيةٍ تقتضي القضاء.
ولو قال قائل: المكتوب إليه -إذا كانت البينة مبهمة- مقلِّد. قلنا: ليس مقلداً في الحكم؛ إذ ليس إليه من الحكم شيء، ولا بيان بعد الوضوح.
١١٩٣٤ - ومما يتعلق بما ذكرناه أن الكاتب (٢) لو مات قبل انتهاء الكتاب، لم يضرّ موته؛ فإن الحكم منفَّذ، وهو مقيَّدٌ مؤزَّرٌ بتحمل شهادة الشهود، فإذاً كتاب القاضي وأقضيته تثبت بعد موته، وكذلك لو عُزل القاضي الكاتبُ، فالقضاء المبرَمُ باقٍ كما كان.
ولو مات المكتوب إليه، فلا أثر لموته، ولكن إذا شهد الشاهد على قضاء القاضي الكاتب عند قاضٍ من قضاة المسلمين، فهذا قضاء ثابت من قاضٍ أُثبت عند قاضٍ
(١) الذِّكْر: الصك، يقال: هذا ذِكر الدَّيْن: أي صكه. (المعجم).
(٢) المراد القاضي الكاتب الذي قضى على الغائب.