يُجري (١) القولين في أجرة القسام أن يقول: ما اعتمده الأصحاب (٢) يقع في (٣) مؤونة القسمة؛ فإذا كنا نفاوت في أجرة القسام، فقد تفاوت الغرض في أول مرتبة.
وهذا يوجب تطبيق القولين على القولين (٤). ولهذا قال أبو حنيفة (٥) رضي الله عنه بأجرة القسّام على الرؤوس.
وما ذكرناه من التردد فيه إذا استأجر الشركاء قاسماً أو قاسمين استئجاراً مطلقاً، وهذا بعينه يجري إذا كانت القسمة جَبْرية، وكان نصب القاسم من جهة القاضي، فالكلام في إلزام المُلاّك مؤونةَ القسمة على النسق الذي ذكرناه في الاستئجار المطلق.
ولو عقد الملاّك عقوداً مع القاسم، فانفرد كل واحد باستئجار للعمل في نصيبه، فهذا على حكم التراضي، فإن استأجر القليلُ النصيبِ بأكثرَ، واستأجر صاحب الكثير بأقلَّ، فهو صحيح، لا غموض فيه.
ولو تبرع القاسم على بعضهم، لم يَخْفَ دركُ مثل هذا.
١١٩٧٠ - ولكن لا بد من ذكر صورتين بعد هذا، إحداهما - أنهم لو عقدوا عقوداً معاً، وكانوا ثلاثاً، صحت العقود على ما وقع التراضي عليها، ولو عقد واحد من الثلاثة، ثم عقد الثاني، فالعقدان صحيحان، فإذا أراد الثالث أن يعقد إجارة في نصيبه، فهذا فيه إشكال يبرزه سؤال، وهو أنه التزم إفراز نصيبين، وهم ثلاثة، ومن
(١) في الأصل: " ولم يجر ".
(٢) أي في الطريقة الأولى.
(٣) زيادة اقتضاها السياق.
(٤) ولمزيد الإيضاح نثبت هنا عبارةَ الغزالي في البسيط، وهذا نصها: "إذا استؤجر القسام مطلقاً بمالٍ معلوم، ففيه طريقان: منهم من قطع بأن الأجرة على قدر الحصص. ومنهم من قال: قولان. في القول الثاني تقسم على عدد الرؤوس، كما في الشفعة، والأول يفرق بأن تردد القسام وعمله في المساحة على الحصة الكثيرة يكثر. فيجاب عنه بأنه إذا كثرت مؤنته فقد كثرت ضرورة الشفعة لرفع ضرر المقاسمة، فينبغي أن يجريا مجرى واحداً، ولذلك قال أبو حنيفة: تقسم على عدد الرؤوس في المسألتين" (ر. البسيط: جزء ٦/ورقة: ١١٤ ش).
(٥) ر. مختصر الطحاوي: ٣٣١.