بالنسوة فيما يتعلق بالنساء ليس لانحطاط خطر هذا الأمر، وإنما هو لتعذُّر اطلاع الرجال.
ولو شهد على المال امرأتان، وأراد الطالب أن يحلف معهما، لم يَجُز عندنا، خلافاً لمالك (١) رحمة الله عليه. وسيأتي ذلك، إن شاء الله.
وحيث جوزنا شهادة الرجل والمرأتين لم يتوقف ذلك على العجز عن إشهاد رجلين، هذا مما اتفق عليه أصحابنا والمفتون في الأمصار.
وقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} البقرة: ٢٨٢ محمول على أن الأولى ألا يكلفن التبرج إلا عند مسيس الحاجة.
فصل
قال: " ولا يحيل حكمُ الحاكم الأمورَ عما هي عليه ... إلى آخره " (٢).
١٢٠٣٧ - أراد الرد على أبي حنيفة (٣) رضي الله عنه؛ فإنه صار إلى أن القضاء إذا استند إلى شهادة الزور في العقود والحلول التي قد ينشئها القاضي بحكم الولاية، فإنه يتضمن تغيّر حكم الله في الباطن، ولا يخفى مذهبه في ذلك.
ومذهبنا أن أحكام الله لا تحول بقضاء القضاة، فإن وافقتها لشهادة الصدق، فليس ثبوتها بالقضاء، وإنما يتعلق القضاء بالظاهر، وإن جرى القضاء على خلاف حكم الله، لم يزُل حكم الله، وإن كان ظاهرُ القضاء متبَعاً إلى التبيّن؛ قال رسول الله
(١) ر. الإشراف للقاضي عبد الوهاب: ٢/ ٩٦٥ مسألة ١٩٤٧، عيون المسائل: ٤/ ١٥٦٦، مسألة ١١٠٤.
(٢) ر. المختصر: ٥/ ٢٤٧.
(٣) ر. مختصر الطحاوي: ٣٥٠، المبسوط: ١٦/ ١٨٠، رؤوس المسائل: ٢٨٥ مسألة: ٣٨٧، البدائع: ٧/ ١٥، شرح أدب القاضي للخصاف: ٣/ ١٧٢، روضة القضاة للسمناني: ١/ ٣٢٠، طريقة الخلاف للأسمندي: ٣٨٢ مسألة: ١٦٠، إيثار الإنصاف: ٣٤٤، الغرة المنيفة: ١٨٩.
وفيها تجد أن الأمر كما قال إمام الحرمين، فيختصّ أبو حنيفة بهذا القول، ويخالفه محمد، وكذا أبو يوسف في قوله الثاني، بعد أن كان موافقاً له.