إني عَجَزتُ عَجْزةً ما أعْتَذرْ ... سَوْفَ أكيسُ بعْدَها وأستَمِرّ (١)
(٤: ٤٣٦).
٩١٨ - وكتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد، وطلحة، قالا: ولما أراد عليّ الذهاب إلى بيته قالت السّبئيّة:
خذها إليك واحذرًا أبا حسنْ ... إنَّا نُمِرُّ الأمرَ إمرارَ الرَّسَنْ
صَوْلَةَ أقْوامٍ كَأَسْدادِ السُّفُنْ ... بمَشْرَفيَّات كَغُدْرانِ اللّبَنْ
ونطعن المُلكَ بِلَيْنٍ كالشَّطَنْ ... حتى يُمَرَّنَّ على غَيرِ عَننْ
فقال عليّ وذكر تركهم العسكر والكينونة على عِدَة ما مُنُّوا حين غمزوهم، ورجعوا إليهم، فلم يستطيعوا أن يمتنعوا حتى ....
إنِّي عجزتُ عجزةً لا أعتذِرْ ... سوف أكيسُ بعدها وأستمرّ
أرْفَعُ مِنْ ذَيلي ما كنْتُ أجُرّ ... وأَجْمَعُ الأمْرَ الشَّتيتَ المُنْتَشِرْ
إن لم يُشاغِبْني العَجُولُ المُنْتَصِرْ ... أو يترُكوني والسِّلاحُ يُبتَدَرْ
واجتمع إلى عليّ بعد ما دخل طلحة، والزّبير في عدّة من الصّحابة، فقالوا: يا عليّ! إنّا قد اشترطنا إقامةَ الحدُود، وإنّ هؤلاء القوم قد اشتركوا في دم هذا الرّجل وأحلّوا بأنفسهم. فقال لهم: يا إخوتاه! إني لست أجهل ما تعلمون، ولكني كيف أصنع بقوم يملكوننا، ولا نملكهم! ها هُمْ هؤلاء قد ثارت معهم عُبدانكم، وثابت إليهم أعرابُكم، وهم خِلالَكم يسومونكم ما شاؤوا، فهل تروْن موضعًا لقُدْرة على شيء مما تريدون؟ قالوا: لا، قال: فلا والله لا أرى إلّا رأيًا ترونه إن شاء الله؛ إنّ هذا الأمر أمرُ جاهليّة، وإنّ لهؤلاء القوم مادّة؛ وذلك أن الشيطان لم يشرَع شريعة قطّ فيبرح الأرضَ من أخذ بها أبدًا. إنّ الناس من هذا الأمر إن حُرِّك على أمور: فرْقة ترى ما تروْن، وفرْقة ترى ما لا ترون، وفرْقة لا ترى هذا، ولا هذا؛ حتى يهدأ الناس، وتقع القلوبُ مواقعَها، وتؤخَذ الحقوق، فاهدؤوا عني، وانظروا ماذا يأتيكم، ثمّ عودوا.
واشتدّ على قريش، وحالَ بينهم وبين الخروج على حال، وإنما هَيّجه على ذلك هربُ بني أميّة. وتفرّق القوم؛ وبعضهم يقول: والله لئن ازداد الأمرُ لا قدرنا
(١) إسناده ضعيف.