١٢٠٤ - قال زياد بنُ عبد الله عن أبي إسحاق: لما لم يعطِ أحدُ الفريقين صاحبَه الطاعةَ كتب معاويةُ إلى عليّ: أما إذا شئتَ فلك العراق وليَ الشأم، وتكفّ السيف عن هذه الأمة، ولا تُهَرِيق دماءَ المسلمين؛ ففعل ذلك، وتراضَيَا على ذلك، فأقام معاوية بالشأم بجنوده يَجْبيها وما حولها، وعليٌّ بالعراق يَجبيها ويقسمها بين جنوده (١). (٥: ١٤٠)
خروج ابن عباس من البصرة إلى مكة
وفيها خرج عبدُ الله بن العباس من البَصرة ولحق مكة في قول عامة أهلِ السِّيَر، وقد أنكر ذلك بعضُهم، وزعَم أنه لم يَزلْ بالبصرة عاملًا عليها من قِبَل أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام حتى قُتِل، وبعد مَقتَل عليّ حتى صالح الحسن معاوية، ثمّ خرج حينئذ إلى مكة.
ذكر الخبر عن سبب شخوصه إلى مكة وتركه العراق:
١٢٠٥ - حدَّثني عمرُ بنُ شبّة، قال: حدّثني جماعة عن أبي مخنف عن سليمان بن أبي راشد، عن عبد الرحمن بن عُبيد أبي الكُنود، قال: مرّ عبدُ الله بنُ عباس على أبي الأسود الدّؤليّ، فقال: لو كنتَ من البهائم كنتَ جَمَلًا، ولو كنتَ راعيًا ما بلغتَ من المرعى، ولا أحسنتَ مهنته في المشْي. قال: فكتب أبو الأسود إلى عليّ:
أما بعد، فإنّ الله جل وعلا جعلك واليًا مؤتمنًا، وراعيًا مستوليًا، وقد بلوناك فوجدْناك عظيمَ الأمانة، ناصحًا للرعية، توفر لهم فيْئهُم، وتَظْلَف نفسَك عن دنياهم، فلا تأكل أموالَهم، ولا ترتشي في أحكامهم، وإن ابنَ عمّك قد أكل ما تحت يديه بغير عِلمك، فلَمْ يَسعْني كتمانُك ذلك، فانظر رحمك الله فيما هناك، واكتب إليّ برأيك فيما أحببتَ أنتهِ إليك، والسلام.
فكتب إليه عليّ: أما بعْد، فمِثلك نصح الإمامَ والأمة، وأدّى الأمانة، ودلّ على الحقّ، وقد كتبتُ إلى صاحبك فيما كتبتَ إليّ فيه من أمرِه، ولم أعلِمه أنك
(١) إسناده ضعيف.