مولَى يزيد بن معاوية، قال: لما وُضعت الرؤوس بين يديْ يزيدَ -رأسُ الحسين وأهل بيته وأصحابه- قال يزيد:
يُفَلِّقْنَ هامًا من رجال أعِزَّةٍ ... عَلَينا وَهُمْ كانوا أعَقَّ وأَظْلَما
أما والله يا حسينُ، لو أنا صاحبُك ما قتلتُك (١)! (٥: ٤٦٠).
قال أبو مخنف: حدّثني أبو جعفر العبسيّ، عن أبي عمارة العبسيّ، قال: فقال يحيى بن الحكم أخو مروان بن الحكم:
لهامٌ بجَنْبِ الطَّفِّ أدْنى قَرابةً ... مَن ابن زيادِ العبدِ ذي الحسَب الوَغْل
سُمَيَّةُ أمسى نَسلها عدد الحصى ... وبنتُ رَسُولِ الله لَيْسَ لها نَسْل
قال: فضرب يزيدُ بن معاوية في صدر يحيى بن الحكَم وقال: اسكت.
قال: ولمَّا جلس يزيد بن معاوية دعا أشراف أهل الشأم فأجلسهم حولَه، ثم دعا بعليِّ بن الحسين وصبيان الحسين ونسائه، فأدخِلوا عليه والناس ينظرون، فقال يزيد لعليّ: يا على! أبوك الذي قطع رَحمي، وجَهل حَقي، ونازعني سلطاني، فصنع الله به ما قد رأيتَ! قاله: فقال عليّ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}. فقال يزيد لابنه خالد: اردْد عليه؛ قال: فما دَرَى خالد ما يردّ عليه؛ فقال له يزيد: قل: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}، ثمٍ سكت عنه؟ قال: ثم دعا بالنساء والصبيان فأجلسوا بين يديه، فرأى هيئةً قبيحة، فقال: قبح الله ابنَ مَرْجانة! لو كانت بينه وبينكم رَحِم أو قرابة ما فعل هذا بكم، ولا بَعث بكم هكذا (٢). (٥: ٤٦٥ - ٤٦١).
قال أبو مخنف: عن الحارث بن كعب، عن فاطمة بنت عليٍّ، قالت: لما أجلِسْنا بين يديْ يزيدَ بن معاوية؛ رقّ لنا، وأمَرَ لنا بشيء، وألطَفنا؛ قالت: ثم إن رجلًا من أهل الشأم أحمرَ قام إلى يزيدَ فقال: يا أمير المؤمنين! هبْ لي هذه -يعنيني، وكنتُ جارية وَضيئةً- فأرعِدتُ وفرِقْتُ، وظَننتُ أنّ ذلك جائز لهم، وأخذت بثياب أختي زينب؛ قالت: وكانت أختي زينب أكبرَ منّي وأعقلَ، وكانت
(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.