وركِّبوا الأسنّة، {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} الأنفال: ٦٠، حتى تُدعوا حين تُدْعَون وتُستنفرون.
قال: فقام خالد بن سعد بن نُفيل، فقال: أما أنا فوالله لو أعلم أنّ قتلي نفسي يُخرِجني من ذنبي ويُرضي ربّي لقتلتُها، ولكن هذا أمِر به قومٌ كانوا قبلنا ونُهينا عنه، فأشهد اللهَ ومَن حضر من المسلمين أنّ كلَّ ما أصبحت أملكه سوى سلاحي الذي أقاتل به عدوّي صدقةً على المسلمين، أقوّيهم به على قتال القاسطين.
وقام أبو المعتمر حَنَش بن ربيعة الكنِانيّ فقال: وأنا أشهِدكم على مثل ذلك.
فقال سليمان بن صُرَد: حَسْبُكم؛ مَنْ أراد من هذا شيئًا فليأت بماله عبدَ الله بن وال التيميّ تيم بكر بن وائل، فإذا اجتمع عنده كلّ ما تريدون إخراجَه من أموالكم جهّزْنا به ذوي الخَلَّة والمَسكَنة من أشياعكم (١). (٥: ٥٥٤ - ٥٥٥).
قال أبو مخنف لوط بن يحيى، عن سليمان بن أبي راشد، قال: فحدّثنا حُمَيد بن مسلم الأزديّ: أنّ سليمان بن صُرَد قال لخالد بن سعد بن نفيل حين قال له: والله لو علمت أنّ قتلي نفسي يُخرِجني من ذنبي ويَرضَى عني ربي لقتلتُها، ولكنّ هذا أمِر به قوم غيرنُا كانوا من قبلنا ونُهينا عنه؛ قال: أخوكم هذا غدًا فَريسُ أوّلِ الأسنَّة؛ قال: فلما تصدّق بماله على المسلمين قال له: أبشر بجزيل ثواب الله للَّذين لأنفسُهم يَمهَدون (٢). (٥: ٥٥٥).
قال أبو مخنف: حدّثني الحصين بن يزيد بن عبد الله بن سعد بن نُفيل قال: أخذت كتابًا كان سليمان بن صُرَد كتب به إلى سعد بن حذيفة بن اليَمانِ بالمدائن، فقرأتُه زمانَ وليَ سليمان، قال: فلما قرأتُه أعجبني، فتعلَّمته فما نسيته، كتب إليه:
بسم الله الرّحمن الرّحيم، من سليمانَ بن صُرَد إلى سعد بن حذيفة ومَن قِبَله من المؤمنين، سلام عليكم، أما بعد؛ فإنّ الدنيا دارٌ قد أدبر منها ما كان معروفًا، وأقبل منها ما كان مُنكّرًا، وأصبحتْ قد تشنّأتْ إلى ذوِي الألباب، وأزمَع بالتَّرحال منها عبادُ الله الأخيار، وباعوا قليلًا من الدنيا لا يبقَى بجزيلِ
(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.