ميسرته داود بن كِرّاز من أهل خُراسان، وعلى ساقته الهيثم بن شعبة.
قال: وحدّثني عيسى، عن أبيه، قال: لقى أبو القلمّس محمد بن عثمان، أخا أسد بن المرزبان بسوق الحطابين، فاجتلدا بسيفيهما حتى تقطّعا ثم تراجعا إلى مواقفهما، فأخذ أخو أسد سيفًا، وأخذ أبو القلمّس بأثفيّة، فوضعها على قَرَبُوس سَرْجه، وستَرها بدِرْعه، ثم تعاودا، فلما تدانيا قام أبو القلمّس في ركائبه؛ ثم ضرب بها صَدْره فصرعه، ونزل فاحتزّ رأسه.
قال: وحدّثني محمد بن الحسن بن زَبالة، قال: حدثني عبدُ الله بن عمر بن القاسم بن عبد الله العمريّ، قال: كنا مع محمد، فبرز رجل من أهل المدينة؛ مولى لآل الزبير يدعى القاسم بن وائل، فدعا للبراز، فبرز إليه رجل لم أرَ مثل كماله وعُدّته؛ فلما رآه ابن وائل انصرف، قال: فوجَدنا من ذلك وجدًا شديدًا، فإنا لعلى ذلك إذ سمعتُ خَشْف (١) رجل ورائي، فالتفتّ فإذا أبو القلمّس، فسمعتُه يقول: لعن الله أميرَ السفهاء، إن ترك مثل هذا اجترأ علينا! وإن خرج رجل خرج إلى أمر عسى ألّا يكون من شأنه قال: ثم برز له فقتله.
قال: وحدّثني أزهر بن سعيد بن نافع، قال: خرج القاسم بن وائل يومئذ من الخندق، ثم دعا للبراز، فبرز له هزارمرد، فلما رآه القاسم هابه، فرجع فبرز له أبو القلمّس، فقال: ما انتفع في مثل هذا اليوم بسيفه قطّ، ثم ضربه على حبْل عاتقه فقتله، فقال: خذها وأنا ابن الفاروق، فقال رجل من أصحاب عيسى: قتلتَ خيرًا من ألف فاروق.
قال: وحدّثني عليّ أبو الحسن الحذّاء من أهل الكوفة، قال: حدّثني مسعود الرّحال، قال: شهدت مقتل محمد بالمدينة، فإنّى لأنظر إليهم عند أحجار الزّيت، وأنا مشرف عليهم من الجَبل - يعني سَلْعًا - إذ نظرت إلى رجل من أصحاب عيسى قد أقبل مستلئمًا في الحديد؛ لا يُرى منه إلّا عيناه، على فرس؛ حتى فَصَل من صفّ أصحابه، فوقف بين الصّفين، فدعا للبراز؛ فخرج إليه رجل من أصحاب محمد، عليه قَباء أبيض، وكُمّة بيضاء، وهو راجل، فكلمه مليًّا، ظننت أنه استرجله لتستوى حالاهما، فنظرتُ إلى الفارس ثَنَى رجله، فنزل،
(١) الخشف: الصوت الخفي، أو الحركة. القاموس ص ١٠٣٩.