وغيرهم، وهو معتزل ينظر ما يصنع الناس، وإلى ما يصير أمرُهم، ثم شخص إلى المختار فبايع له، ودخل فيما دَخل فيه أهلُ بلده (١). (٦/ ٣٣ - ٣٤).
قال أبو مخنف: وحدّثني صلة بن زهير النَّهديُّ، عن مسلم بن عبد الله الضّبابيّ، قال: لمَّا ظهر المختار واستمكن، ونفى ابن مطيع وبعثَ عمَّاله، أقبل يجلس للناس غُدوةً وعشيَّة، فيقضي بين الخصمين، ثمّ قال: والله إنّ لي فيما أزاول وأحاول لشُغْلا عن القضاء بين الناس، قال: فأجلس للناس شُريحًا، وقَضَى بين الناس، ثمّ إنَّه خافهم فتمارَض، وكانوا يقولون: إنَّه عُثمانيّ، وإنَّه ممَّن شهد على حُجْر بن عديّ، وإنه لم يُبلغ عن هانئ بن عروة ما أرسلَه به - وقد كان عليّ بن أبي طالب عَزلَه عن القضاء - فلمّا أن سمع بذلك ورآهم يذمّونه ويُسنِدون إليه مِثلَ هذا القول تَمارَض وجعل المختارُ مكانه عبدَ الله بن عتبة بن مسعود، ثمّ إنَّ عبد الله مرض، فجعل مكانَه عبد الله بن مالك الطائيّ قاضيًا.
قال مسلم بن عبد الله: وكان عبد الله بن همّام سمع أبا عمرةَ يذكر الشّيعة وينال من عثمان بن عفَّان، فقنّعه بالسوط، فلما ظهر المختار كان معتزلًا حتى استأمن له عبدُ الله بن شدّاد، فجاء إلى المختار ذاتَ يوم فقال:
ألا انْتَسأَتْ بالوُدِّ عنك وأدْبَرَتْ ... مُعالِنَةً بالهَجْر أُمُّ سَرِيعِ
وحَمَّلَها وَاشٍ سَعَى غير مُؤتَلٍ ... فأُبْتَ بِهمٍّ في الفؤاد جميع
فَخفِّضْ عليك الشأنَ لا يُرْدِك الهوى ... فليس انتقالُ خَلَّة ببِديع
وفي ليلة المختار ما يُذْهِلُ الفتى ... ويُلهِيهِ عن رؤد الشَّباب شَمُوع
دعا يالثاراتِ الحسين فأقبلتْ ... كتائبُ مِنْ هَمْدانَ بعد هَزِيع
ومن مذْحِج جاء الرئيسُ ابنُ مالك ... يقُودُ جُموعًا عُبِّيتْ بِجُمُوع
ومنْ أَسَدٍ وافَى يزيدُ لِنَصْرِهِ ... بكلِّ فتًى حامِي الذِّمار منيع
وجاءَ نُعَيْمٌ خيرُ شَيْبانَ كلّها ... بأمرٍ لدى الهَيجا أَحَدَّ جميع
وما ابن شميط إذ يُحَرِّضُ قومهُ ... هناك بِمَخذْولٍ ولا بمُضِيع
ولا قَيس نَهدٍ لا ولا ابنُ هَوازنٍ ... وكلٌّ أَخو إخْباتةٍ وخُشُوع
وسار أبو النُّعمانِ للهِ سَعيهُ ... إلى ابن إياسٍ مُصْحِرًا لوقوعِ
(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.