البيعة على محمد بن هارون أمير المؤمنين وعلى مَنْ كان بحضرته لعبد الله والقاسم على النّسخة التي كان أخذها عليه الرّشيد بمكة؛ وجعل أمر القاسم في خلعه وإقراره إلى عبد الله إذا أفضت إليه الخلافة؛ فقال إبراهيم الموصليّ في بيعة هارون لابنيه في الكعبة:
خيْرُ الأُمورِ مَغَبةً ... وأَحَقُّ أَمرٍ بالتّمامِ
أمرٌ قضى إِحكامه الرّ ... حمانُ في البيْت الحَرَامِ
ثم دخلت سنة سبع وثمانين ومائة ذكر الخبر عمّا كان فيها من الأحداث
* * *
ذكر الخبر عن إيقاع الرشيد بالبرامكة (١)
* ذكر الخبر عن سبب قتله إياه وكيف كان قتله وما فعل به وبأهل بيته:
أما سبب غضبه عليه الذي قتله عنده، فإنه مختلَف فيه، فمن ذلك ما ذكر عن بختيشوع بن جبريل، عن أبيه أنه قال: إني لقاعد في مجلس الرشيد، إذ طلع يحيى بن خالد - وكان فيما مضى يدخل بلا إذن - فلما دخل وصار بالقُرْب من الرّشيد وسلَّم ردّ عليه ردًّا ضعيفًا، فعلم يحيى أن أمرهم قد تغيّر.
قال: ثم أقبل عليَّ الرشيد، فقال: يا جبريل، يدخل عليك وأنت في منزلك أحدٌ بلا إذنك! فقلت: لا، ولا يطمع في ذلك. قال: فما بالُنا يُدْخَل علينا بلا إذن! فقام يحيى، فقال: يا أميرَ المؤمنين، قدّمني الله قبلَك؛ واِلله ما ابتدأتُ ذلك الساعة، وما هو إلّا شيء كان خصّنِيِ به أمير المؤمنين، ورفع به ذكري؛ حتى أنْ كنتُ لأدخل وهو في فراشه مجَرّدًا حينًا، وحينًا في بعض إزاره؛ وما علمتُ أنّ أمير المؤمنين كرِه ما كان يحبّ؛ وإذْ قد علمتُ فإنّي أكون عنده في الطبقة الثانية من أهل الإذن، أو الثالثة إن أمرني سيدي بذلك. قال: فاستحيا
(١) أصل الخبر في صحيح التأريخ دون التفاصيل. وانظر: المنتظم ٩/ ١٢٦ - ١٣٥، والبداية والنهاية ٨/ ١١٣ إلى ٨/ ١١٦.