عنّي اشتغالَك إني عنكِ في شَغَلِ ... لا تعذُلي مَنْ به وقْرٌ عن العذَلِ
لا تعذُلي في ارتحالي إنني رجلٌ ... وقفٌ على الشَّدِّ والأسفارِ والرِّحَلِ
فيمَ المُقامُ إذا ما ضاقَ بي بلدٌ ... كأَنني لحجالِ العِينِ والكِلَل
ما استيقظتْ همّةٌ لم تلفِ صاحبها ... يَقظان قَدْ جانبَتْهُ لذةُ المُقَلِ
ولم يبتْ أَمِنًا من لم يبتْ وجِلًا ... مِنْ أَنْ يبيتَ له جار على وَجَلِ
وهي أيضًا طويلة.
وفي هذه السنة في شهر ربيع الأول منها، ورد مدينةَ السلام الخبرُ: أن الرّوم نزلت بناحية باب قلَمْيَة على ستة أميال من طَرَسوس؛ وهم زهاء مئة ألف، يرأسهم بِطْريق البطارقة أندرياس، ومعه أربعة أخَرُ من البطارقة، فخرج إليهم يازمان الخادم ليلًا، فبيّتهم، فقُتِل بِطريق البطارقة وبِطريق القبَاذيق وبطريق الناطُلق، وأفلت بِطريق قرّة وبه جراحات، وأخِذ لهم سبعة صلبان من ذهب وفضة، فيها صليبهم الأعظم من ذهب مكلّل بالجوهر، وأخِذ خمسة عشر ألف دابة وبغل، ومن السروج نحو من ذلك، وسيوف محلّاة بذهب وفضة وآنية كثيرة، ونحو من عشرة آلاف علم ديباج، وديباج كثير وبِزْيون ولُحُف سُمُور، وكان النفير إلى أندرياس يوم الثلاثاء لسبع خلون من شهر ربيع الأول، فكبِس ليلًا وقتل من الروم خلق كثير، فزعم بعضهم أنه قتل منهم سبعون ألفًا (١).
وفيها تُوفِّيَ هارون بن أبي أحمد الموفّق بمدينة السلام يوم الخميس لليلتين خلتا من جمادى الأولى.
ولستٍّ خلون من شعبان منها، ورد الخبرُ بموت أحمد بن طولون مدينةَ السلام - فيما ذكر. وقال بعضهم: كانت وفاته يوم الإثنين لثمان عشرة مضت من ذي القعدة منها (٢).
وفيها مات الحسن بن يزيىر العَلَويّ بطبرستان، إما في رجب، وإما في شعبان.
وللنصف من شعبان دخل المعتمد بغداد، وخرج من المدينة حتى نزل بحذاء
(١) انظر المنتظم (١٢/ ٢٢٩).
(٢) انظر وفيات الأعيان (١/ ٥٥) والنجوم الزاهرة (١/ ٣٧) وسير أعلام النبلاء (١٣/ ٩٤).