إسحاق، عن يحيى بن عبّاد، عن أبيه، قال: حدّثني أبي الذي أرضعني -وكان أحد بني مرّة بن عوف، وكان في تلك الغزوة غزوة مُؤتة- قال: والله لكأنّي أنظرُ إلي جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء؛ فعقرها، ثم قاتل القوم حتى قُتِل؛ فلما قتل جعفر أخذ الرّايَة عبدُ الله بن رَواحة؛ ثمّ تقدّم بها وهو علي فرسه، فجعل يستنزل نفسه ويتردّد بعض التردد، ثم قال:
أقسمْتُ يا نَفْسُ لَتَنزِلنّهْ ... طَائِعَةً أوْ فَلَتُكْرَهِنَّهْ
إن أجْلَبَ الناسُ وشَدُّوا الرَّنّهْ ... ما لِي أَراكِ تَكْرَهِين الجَنَّهْ!
قد طَالمَا قد كنْتِ مُطْمَئِنَّهْ ... هَلْ أَنْتِ إلا نُطْفَةٌ في شَنَّهْ!
وقال أيضًا:
يا نَفْس إلَّا تُقْتَلي تَمُوتي ... هذَا حِمَامُ المَوْتِ قد صَلِيتِ
وما تَمَنَّيتِ فقدْ أعْطِيتِ ... إنْ تَفْعَلي فِعْلَهُمَا هُدِيتِ
قال: ثم نزل؛ فلمّا نزل أتاه ابنُ عمٍّ له بعظم من لحم؛ فقال: شُدَّ بها صلبك؛ فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت؛ فأخذه من يده؛ فانتهس منه نهسَةً ثم سمع الحطْمة في ناحية الناس، فقال: وأنت في الدنيا! ثم ألقاه من يده، وأخذ سيفه؛ فتقدّم فقاتل حتى قتل؛ فأخذ الراية ثابتُ بن أقرم؛ أخو بَلْعجلان؛ فقال: يا معشَر المسلمين اصطلحوا علي رجل منكم، فقالوا: أنت، قال: ما أنا بفاعل؛ فاصطلح الناس علي خالد بن الوليد، فلمّا أخذ الراية دافع القوم؛ وحاشي بهم، ثم انحاز وتحيّز عنه حتى انصرف بالناس (١). (٣: ٣٩/ ٤٠).
(١) إسناده إلي ابن إسحاق ضعيف ولكن أخرجه ابن هشام من طريق ابن إسحاق هذا (٢/ ٣٧٨) وصرّح بالتحديث.
قلنا: والحديث أخرجه أبو داود في (سننه / كتاب الجهاد / ح ٢٥٧٣) ولفظه (حدثني أبي الذي أرضعني، وهو أحد بني مرة بن عوف وكان في الغزاة غزاة مؤتة، قال: والله لكأني أنظر إلي جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ثم قاتل حتى قتل).
وقال: هذا الحديث ليس بالقوي. اهـ.
قلنا: والحديث أورده الهيثمي ورواه الطبراني ورجاله ثقات (مجمع الزوائد ٦/ ١٦٠) وكذلك حسّنه الحافظ (فتح الباري ٧/ ٥١١) وأما من المعاصرين فقد حسّنه العمري وقال: وفيه جهالة اسم الصحابي ولا تضر (السيرة النبوية / ٢/ ٤٦٨) والألباني (صحيح سنن أبي داود ح ٢٢٤٣) والله تعالى أعلم.