من حوادث وحروب، ثم عرض للأمم التي جاءت بعد الأنبياء حتى ظهور الإسلام.
ويُعرف هذا الترتيب من أهل الكتاب، ويطلق على تدوين التاريخ بهذه الطريقة "التَّأريخ" تمييزًا له عن "الحَوْليات" أو النظام الحَوْلي أو النظام السَّنَوي.
ويتسم هذا القسم من تاريخ الطبري بالقصص الخيالي، ويكثر فيه الأساطير والخرافات التي تتحدث عن العهود التاريخية القديمة للإِنسان، كما تظهر الحكايات والأخبار الإِسرائيلية التي ترجع إلى العهد القديم وكتب اليهود، ويذكر الطبري أيضًا بعض الأساطير الشعبية الوثنية عن الأمم الأخرى.
واقتصر الطبري في هذا القسم على أصول الحوادث، وأعرض عن التفصيلات إما لخشية الإِطالة، وإما لعدم الثقة بها نظرًا لطول العهد، ودخول التحريف، وعدم اتصال الأسانيد، وإما لعدم أهميتها في نظره، وأنها كانت من نسج الخيال والتسليات، خلافًا لما سنراه في التاريخ الإِسلامي (١).
(ثالثًا): معالم منهج الطبري في التاريخ الإِسلامي:
عرض الطبري تاريخ ما بعد الإِسلام من خلال منهج محدد، واتَّبع طريقة واضحة في معظم الأحوال (٢)، والتزم بهذا المنهج والطريقة التي نذكر معالمها فيما يلي:
١ - نظام الحَوْليات: سلك الطبري في تاريخ القسم الخاص بالتاريخ الإِسلامي نظام الحَوْليات، فراعى ترتيب الحوادث ترتيبًا زمنيًا، عامًا بعد عام، وحَوْلًا بعد حول، ابتداء من الهجرة النَّبويَّة حتى سنة ٣٠٢ هـ / ٩١٥ م، وذكر في كل سنة ما وقع فيها من أحداث مهمة، فإن كانت الحادثة طويلة جزّأها، وأشار إليها مجملة ثم يذكرها مفصَّلة في الوضع الملائم، ولذلك يختلف حجم الحوليات عنده بحسب كثرة الأحداث وأهميتها في كل حول.
(١) الطبري للحوفي ص ١٩٥.
(٢) انظر: الطبري للحوفي ص ١٩١ وما بعدها، تاريخ التراث العربي ١/ ٢ / ١٦٠، ظهر الإسلام ٢/ ٢٠٤، التاريخ العربي والمؤرخون ص ٢٥٧ وما بعدها، تاريخ الطبري، المقدمة ١/ ٢٤ طبعة دار المعارف.