كَانَ الْأُسْتَاذ أَبُو بكر بن فورك كَمَا عرفناك شَدِيدا فِي الله قَائِما فِي نصْرَة الدّين وَمن ذَلِك أَنه فَوق نَحْو المشبهة الكرامية سهاما لَا قبل لَهُم بهَا فتحزبوا عَلَيْهِ ونموا غير مرّة وَهُوَ ينتصر عَلَيْهِم وَآخر الْأَمر أَنهم أنهوا إِلَى السُّلْطَان مَحْمُود بن سبكتكين أَن هَذَا الَّذِي يؤلب علينا عنْدك أعظم منا بِدعَة وَكفرا وَذَلِكَ أَنه يعْتَقد أَن نَبينَا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ نَبيا الْيَوْم وَأَن رسَالَته انْقَطَعت بِمَوْتِهِ فَاسْأَلْهُ عَن ذَلِك
فَعظم على السُّلْطَان هَذَا الْأَمر وَقَالَ إِن صَحَّ هَذَا عَنهُ لأقتلنه وَأمر بِطَلَبِهِ
وَالَّذِي لَاحَ لنا من كَلَام المحررين لما ينقلون الواعين لما يحفظون الَّذين يَتَّقُونَ الله فِيمَا يحكون أَنه لما حضر بَين يَدَيْهِ وَسَأَلَهُ عَن ذَلِك كذب النَّاقِل وَقَالَ مَا هُوَ مُعْتَقد الأشاعرة على الْإِطْلَاق أَن نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيّ فِي قَبره رَسُول الله أَبَد الآباد على الْحَقِيقَة لَا الْمجَاز وَأَنه كَانَ نَبيا وآدَم بَين المَاء والطين وَلم تَبْرَح نبوته بَاقِيَة وَلَا تزَال
وَعند ذَلِك وضح للسُّلْطَان الْأَمر وَأمر بإعزازه وإكرامه ورجوعه إِلَى وَطنه
فَلَمَّا أَيِست الكرامية وَعلمت أَن مَا وشت بِهِ لم يتم وَأَن حيلها ومكايدها قد وهت عدلت إِلَى السَّعْي فِي مَوته والراحة من تَعبه فسلطوا عَلَيْهِ من سمه فَمضى حميدا شَهِيدا
هَذَا خُلَاصَة المحنة
وَالْمَسْأَلَة الْمشَار إِلَيْهَا وَهِي انْقِطَاع الرسَالَة بعد الْمَوْت مكذوبة قَدِيما على الإِمَام أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ نَفسه وَقد مضى الْكَلَام عَلَيْهَا فِي تَرْجَمته
إِذا عرفت هَذَا فَاعْلَم أَن أَبَا مُحَمَّد بن حزم الظَّاهِرِيّ ذكر فِي النصائح أَن ابْن سبكتكين قتل ابْن فورك بقوله لهَذِهِ الْمَسْأَلَة ثمَّ زعم ابْن حزم أَنَّهَا قَول جَمِيع الأشعرية