أَمِير خوزستان وَالْبَصْرَة وواسط ثمَّ استوحش مِنْهُ وجهز أَمْوَاله إِلَى بَغْدَاد وأخفى نَفسه وَولده وَخرج إِلَى حلب ثمَّ توجه إِلَى همذان
ثمَّ إِن الْقَائِم بِأَمْر الله صرف وزيره ابْن جهير عَن الوزارة وصور فِي نَفسه أَن يستوزره فورد الْخَبَر بوفاته فَقَالَ الْخَلِيفَة عولنا على هَذَا الدارج فِي وزارتنا فحالت الأقدار بَيْننَا وَبَين الإيثار وَقد عرفنَا تميز وَلَده إِلَّا أَن السن لم ينْتَه بِهِ إِلَى هَذَا المنصب فرقاه وَلَا يزَال أَبُو شُجَاع يترقى إِلَى أَن انْتَهَت الْخلَافَة إِلَى المقتدى وتزايد عَظمَة وترقت بِهِ الْحَال فَوق مَا كَانَت
ثمَّ إِن نظام الْملك كَاتب المقتدى فِي إبعاد أبي شُجَاع فَإِنَّهُ كَانَ يكرههُ فَكتب الْخَلِيفَة الْجَواب بِخَطِّهِ وَعرف نظام الْملك منزلَة أبي شُجَاع عِنْده وفضله وَدينه وأكد عَلَيْهِ فِي الْوِصَايَة بِهِ وَترك الِالْتِفَات إِلَى قَول أعدائه وَأمر الْوَزير أَبَا شُجَاع بِالْخرُوجِ إِلَى أَصْبَهَان إِلَى خدمَة نظام الْملك وأصحبه بعض خدمه فَتَلقاهُ نظام الْملك بالبشر وَأَعَادَهُ إِلَى بَغْدَاد مكرما فَعَاد وَخرج إِلَيْهِ عَسْكَر الْخَلِيفَة مستلقين
ثمَّ لما عزل المقتدى بِاللَّه عميد الدولة أَبَا مَنْصُور ابْن جهير من وزارته ولاها ظهير الدّين أَبَا شُجَاع وخلع عَلَيْهِ فِي النّصْف من شعْبَان سنة سِتّ وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة
وتوالت السَّعَادَة فِي وزارته وَمَا زَالَ يتَقَدَّم فِي كل يَوْم تقدما لم يكن لغيره وَصَارَ الْأَمر أمره والمقبول من ارْتَضَاهُ والمدفوع من أَبَاهُ وَعظم الْحق وانتشر الْعدْل
وَكَانَ لَا يخرج من بَيته حَتَّى يقْرَأ شَيْئا من الْقُرْآن وَيُصلي
وَكَانَ يُصَلِّي الظّهْر وَيجْلس للمظالم إِلَى وَقت الْعَصْر وحجابه تنادي أَيْن أَصْحَاب الْحَوَائِج