قَالَ القَاضِي أَبُو الْعَبَّاس الْجِرْجَانِيّ صَاحب المعاياة وَغَيرهَا كَانَ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ لَا يملك شَيْئا من الدُّنْيَا فَبلغ بِهِ الْفقر حَتَّى كَانَ لَا يجد قوتا وَلَا ملبسا
قَالَ وَلَقَد كُنَّا نأتيه وَهُوَ سَاكن فِي القطيعة فَيقوم لنا نصف قومة لَيْسَ يعتدل قَائِما من العرى كي لَا يظْهر مِنْهُ شَيْء
وَقيل كَانَ إِذا بَقِي مُدَّة لَا يَأْكُل شَيْئا جَاءَ إِلَى صديق لَهُ باقلاني فَكَانَ يثرد لَهُ رغيفا ويثريه بِمَاء الباقلاء فَرُبمَا أَتَاهُ وَكَانَ قد فرغ من بيع الباقلاء فيقف أَبُو إِسْحَاق وَيَقُول {تِلْكَ إِذا كرة خاسرة}
وَيرجع
وَقَالَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن عَليّ البروجردي أخرج أَبُو إِسْحَاق يَوْمًا قرصين من بَيته فَقَالَ لبَعض أَصْحَابه وَكلتك فِي أَن تشتري لي الدبس والراشي بِهَذِهِ القرصة على وَجه هَذِه القرصة الْأُخْرَى
فَمضى الرجل وَشك بِأَيّ القرصين اشْترى فَمَا أكل الشَّيْخ ذَلِك وَقَالَ لَا أَدْرِي اشْترى الَّذِي وكلته أم بِالْأُخْرَى
وَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ حملت يَوْمًا فتيا إِلَى الشَّيْخ أبي إِسْحَاق فرأيته وَهُوَ يمشي فَسلمت عَلَيْهِ فَمضى إِلَى دكان خباز وَأخذ قلمه ودواته مِنْهُ وَكتب الْجَواب فِي الْحَال وَمسح الْقَلَم فِي ثَوْبه وَأَعْطَانِي الْفَتْوَى
وَقد دخل الشَّيْخ خُرَاسَان وَعبر نيسابور وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك أَن الْخَلِيفَة أَمِير الْمُؤمنِينَ المقتدى بِاللَّه تشوش من العميد أبي الْفَتْح بن أبي اللَّيْث فَدَعَا الشَّيْخ أَبَا إِسْحَاق وشافهه بالشكوى مِنْهُ وَأَن أهل الْبَلَد حصل لَهُم الْأَذَى بِهِ وَأمره بِالْخرُوجِ إِلَى الْعَسْكَر وَشرح الْحَال بَين يَدي السُّلْطَان وَبَين يدى الْوَزير نظام الْملك فَتوجه الشَّيْخ وَمَعَهُ جمال الدولة عفيف وَهُوَ خَادِم من خدام الْخَلِيفَة