بِخِلَاف مَا لَو شكّ فِي أَدَاء فرض الْوَقْت يلْزمه فعله لِأَن الأَصْل وُجُوبه فِي الذِّمَّة وَوَقع الشَّك فِي سُقُوطه عَن ذمَّته وَفِيمَا نَحن فِيهِ شكّ فِي أصل الْوُجُوب قبل الْيَقِين وَالطَّرِيق فِيهِ أَن يُقَال لَهُ إِذا كَانَ عدد من الصُّبْح أَو الظّهْر هَل تتيقن أَنه صبح أَو ظهر وَاحِد فَإِن قَالَ نعم قُلْنَا عَلَيْك فعلهَا
ثمَّ نقُول هَل تتيقن أَنَّهَا صبحان أَو ظهران فَإِن قَالَ نعم
قُلْنَا عَلَيْك فعلهَا
وَهَكَذَا إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى حَال يشك فِيهِ فنطرح عَنهُ الْمَشْكُوك ونكلفه أَدَاء الْيَقِين
قَالَ القَاضِي الْحُسَيْن وَعِنْدِي يُقَال للْمُصَلِّي كم تيقنت من فَرَائض هَذِه السّنة قد أديتها فَالَّذِي تيقنت سقط عَنْك وَالْبَاقِي فِي ذِمَّتك لِأَن الأَصْل اشْتِغَال ذِمَّتك بالفريضة
وَمَا قَالَه الْقفال يخرج على القَوْل الْقَدِيم أَنه لَو شكّ أَنه هَل ترك ركنا من أَرْكَان الصَّلَاة فعلى قَوْله الْقَدِيم الأَصْل مضيه على السَّلامَة وَفِي الْجَدِيد يلْزمه الِاسْتِئْنَاف لِأَن الأَصْل اشْتِغَال ذمَّته بِهِ وَلَو أَنه على الشَّك قضى فَائِتَة فَالَّذِي يُرْجَى فِيهِ من فضل الله تَعَالَى أَن يجْبر بهَا خللا فِي الْفَرَائِض ويحسبها لَهُ نفلا
سَمِعت بعض أَصْحَاب القَاضِي أبي عَاصِم يَقُول إِنَّه قضى صلوَات عمره كلهَا مرّة وَقد اسْتَأْنف قضاءها ثَانِيًا
وَمن مَذْهَب أبي حنيفَة لَو مرت عَلَيْهِ فوائت فَأَرَادَ أَن يَقْضِيهَا يَنْوِي أَولا أول صبح فَاتَهُ أَو أول ظهر ثمَّ بعد ذَلِك يَنْوِي مَا يَلِيهِ أَو يَنْوِي آخر ظهر أَو آخر صبح ثمَّ يَنْوِي مَا يَلِيهِ فَيُسْتَحَب أَن يَنْوِي على هَذَا الْوَجْه
وَلَو أطلق النِّيَّة فَنوى قَضَاء فَائِتَة الصُّبْح أَو الظّهْر جَازَ
انْتهى كَلَامه فِي التعليقة