وَبِذَلِك صرح الْعِرَاقِيُّونَ فِي كتاب الْوَصَايَا فَقَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد إِذا كَانَ فِي النزع وَقد شخص بَصَره وانتصبت عَيناهُ فَلَا قَود وَلَا دِيَة وَلَا كَفَّارَة
وَتَبعهُ جماعات مِنْهُم الْمُتَوَلِي والرافعي وَالنَّوَوِيّ لكِنهمْ جَمِيعًا صَرَّحُوا فِي كتاب الْجراح بِوُجُوب الْقود فَقَالُوا والعبارة للْإِمَام رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَو انْتهى الْمَرِيض إِلَى سَكَرَات الْمَوْت وبدت مخايله وتغيرت الأنفاس فِي الشراسيف فَلَا يحكم لَهُ بِالْمَوْتِ وَإِن كَانَ يظنّ أَنه فِي حَالَة المقدود لِأَن بُلُوغه إِلَى تِلْكَ الْحَالة غير مَقْطُوع وَقد يظنّ بِهِ ذَلِك ثمَّ يشفى بِخِلَاف المقدود
قَالَ الإِمَام وَكم من مذفف شقّ عَلَيْهِ الْجُيُوب وَشد حنكه ثمَّ تثور قوته وتعود فَلَا يتَصَوَّر الحكم بِالْمَوْتِ على ثِقَة مَا لم يخمد ويفض نَفسه فَإِذا ضرب ضَارب رقبته وَهُوَ يتنفس فنجعله قَاتلا على التَّحْقِيق
هَذَا كَلَام الإِمَام وَتَبعهُ الْأَصْحَاب وَسَبقه غَيره وَهُوَ مَنْصُوص للشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنهُ
وَلقَائِل أَن يَقُول التَّعْبِير بِأَنَّهُ فِي سَكَرَات الْمَوْت وَأَنه انْتهى إِلَى حَرَكَة الْمَذْبُوح مَعَ تفرقتهم بِأَن بُلُوغه إِلَى تِلْكَ الْحَالة غير مَقْطُوع لَيْسَ بصواب بل الصَّوَاب التَّعْبِير بِعِبَارَة صَاحب الْمُهَذّب فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْأُم من جنى على رجل يرى من حَضَره أَنه فِي السِّيَاق وَأَنه يقبض مَكَانَهُ فَضَربهُ بحديدة فَمَاتَ فَعَلَيهِ فِيهِ الْقود لِأَنَّهُ قد يعِيش بعد مَا يرى أَنه يَمُوت
انْتهى
وَأَنه وصل إِلَى حَرَكَة الْمَذْبُوح قد لَا يكون فِي نفس الْأَمر كَذَلِك فَيجب الْقصاص على قَاتله وَهُوَ مَا جزم بِهِ الْأَصْحَاب فِي كتاب الْجراح
وَمن تَيَقنا أَنه انْتهى إِلَى حَرَكَة الْمَذْبُوح وَأَن الْحَيَاة فِيهِ غير مُسْتَقِرَّة فَلَا قصاص