وَالثَّانيَِة أَنه رُبمَا نَالَ من الإِمَام مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَمَا فعل فِي مَسْأَلَة الاستصلاح والمصالح الْمُرْسلَة وَغَيرهَا
وبهاتين الصفتين يحصل للمغاربة بعض التحامل عَلَيْهِ مَعَ اعترافهم بعلو قدره واقتصارهم لَا سِيمَا فِي علم الْكَلَام على كتبه ونهيهم عَن كتب غَيره
ثمَّ اعْلَم أَن لهَذَا الإِمَام من الْحُقُوق فِي الْإِسْلَام والمناضلة فِي علم الْكَلَام عَن الدّين الحنيفي مَا لَا يخفى على ذِي تَحْصِيل وَقد فهم عَنهُ الْمَازرِيّ إِنْكَار الْعلم بالجزئيات وَأنكر وأفرط فِي التَّغْلِيظ عَلَيْهِ وَأَشْبع القَوْل فِي تَقْرِير إحاطة الْعلم الْقَدِيم بالجزئيات وَلَا حَاجَة بِهِ إِلَيْهِ فَإِن أحدا لم ينازعه فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ تصور أَن الإِمَام ينازعه فِيهِ
ومعاذ الله أَن يكون ذَلِك
وَلَقَد سَمِعت الشَّيْخ الإِمَام رَحمَه الله غير مرّة يَقُول لم يفهم الْمَازرِيّ كَلَام الإِمَام وَلم أسمع مِنْهُ زِيَادَة على هَذَا وَقلت أَنا لَهُ رَحمَه الله إِذْ ذَاك لَو كَانَ الإِمَام على هَذِه العقيدة لم يحْتَج إِلَى أَن يدأب نَفسه فِي تصنيف النِّهَايَة فِي الْفِقْه وَفِيه جزئيات لَا تَنْحَصِر وَالْعلم غير مُتَعَلق على هَذَا التَّقْدِير عِنْده بهَا
وَقلت لَهُ أَيْضا هَذَا كتاب الشَّامِل للْإِمَام فِي مجلدات عدَّة فِي علم الْكَلَام وَالْمَسْأَلَة الْمَذْكُورَة حَقّهَا أَن تقرر فِيهِ لَا فِي الْبُرْهَان فَلم لَا يكْشف عَن عقيدته فِيهِ فأعجبه ذَلِك
وَأَقُول الْآن قبل الْخَوْض فِي كَلَام الإِمَام والمازري لقد فحصت عَن كَلِمَات هَذَا الإِمَام فِي كتبه الكلامية فَوجدت إحاطة علم الله تَعَالَى عِنْده بالجزئيات أمرا مفروغا مِنْهُ وأصلا مقررا يكفر من خَالفه فِيهِ
وَهَذِه مَوَاضِع من كَلَامه