تناهيها عِنْد الشاكين مَعَ أَن عدم تناهيها يَسْتَحِيل عِنْده وَإِلَى استحالته أَشَارَ بقوله وَالَّذِي أرَاهُ قطعا أَنَّهَا منحصرة وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِأَنَّهَا لَو كَانَت غير منحصرة لتَعلق الْعلم بآحاد لَا تتناهى على التَّفْصِيل لِأَن الله تَعَالَى عَالم بِكُل شَيْء فَإِذا كَانَت الْأَجْنَاس غير متناهية وَجب أَن يعلمهَا غير متناهية لِأَنَّهُ يعلم الْأَشْيَاء على مَا هِيَ عَلَيْهِ وَهِي لَا تَفْصِيل لَهَا حَتَّى يُعلمهُ على التَّفْصِيل فالرب تَعَالَى يعلم الْأَشْيَاء على مَا هِيَ عَلَيْهِ إِن مجملة فمجملة وَإِن مفصلة فمفصلة والأجناس الْمُخْتَلفَة متباينة بحقائقها فَإِذا علم وَجب أَن يعلمهَا مفصلة متمايزة بَعْضهَا عَن بعض
وَأما أَن ذَلِك يَسْتَحِيل فَلِأَن كل مَعْلُوم على التَّفْصِيل فَهُوَ منحصر متناه كَمَا أَنه مَوْجُود فِي الْخَارِج فَهُوَ منحصر متناه لوُجُوب تشخصها فِي الذِّهْن كَمَا فِي الْخَارِج
وَاعْلَم أَن الإِمَام إِنَّمَا سكت عَن بَيَان الْمُلَازمَة لِأَن دليلها كالمفروغ مِنْهُ
وَقَوله فَإِن استنكر الجهلة ذَلِك وَقَالُوا الباريء عَالم بِمَا لَا يتناهى على التَّفْصِيل هُوَ إِشَارَة إِلَى اعْتِرَاض على قَوْله وَذَلِكَ مُسْتَحِيل
تَقْرِيره أَن البارىء تَعَالَى عَالم بِمَا لَا يتناهى على التَّفْصِيل وَهَذَا أصل مفروغ مِنْهُ وَإِذا كَانَ كَذَلِك فقولك إِن تعلق الْعلم بِمَا لَا يتناهى مُسْتَحِيل قَول مَمْنُوع
وَقَوله سفهنا عُقُولهمْ هُوَ جَوَاب الِاعْتِرَاض
وَقَوله وأحلنا تَقْرِير هَذَا الْفَنّ على أَحْكَام الصِّفَات إِشَارَة إِلَى أَن تَقْرِير اسْتِحَالَة تعلق الْعلم بِمَا لَا يتناهى على التَّفْصِيل مَذْكُور فِي بَاب أَحْكَام الصِّفَات وَكتب أصُول الدّين
وَقَوله وَبِالْجُمْلَةِ هُوَ بَيَان لكيفية تعلق علم الله تَعَالَى بِمَا لَا يتناهى مَعَ صَلَاحِية كَونه جَوَابا عَن الِاعْتِرَاض الْمَذْكُور وَتَقْرِيره أَن علم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِذا تعلق بجواهر لَا نِهَايَة لَهَا كَانَ معنى تعلقه بهَا استرساله عَلَيْهَا وَمعنى استرساله عَلَيْهَا وَالله أعلم هُوَ أَن علمه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يتَعَلَّق بِالْعلمِ الْكُلِّي الشَّامِل لَهَا على سَبِيل التَّفْصِيل فيسترسل عَلَيْهَا من غير