زَارَهُ يَوْمًا فَلم يقم لَهُ وَسَأَلَهُ عَن أحل الْأَمْوَال الَّتِي يتَصَرَّف فِيهَا السُّلْطَان فَقَالَ الْفَقِيه نصر أحلهَا أَمْوَال الْجِزْيَة
فَخرج من عِنْده وَأرْسل إِلَيْهِ بمبلغ من المَال وَقَالَ هَذَا من مَال الْجِزْيَة ففرقه على الْأَصْحَاب
فَلم يقبله وَقَالَ لَا حَاجَة بِنَا إِلَيْهِ فَلَمَّا ذهب الرَّسُول لامه الْفَقِيه أَبُو الْفَتْح نصر الله بن مُحَمَّد وَقَالَ لَهُ قد علمت حاجتنا إِلَيْهِ فَلَو كنت قبلته وفرقته فِينَا
فَقَالَ لَا تجزع من فَوته فَسَوف يَأْتِيك من الدُّنْيَا مَا يَكْفِيك فِيمَا بعد فَكَانَ كَمَا تفرس فِيهِ
قَالَ وَسمعت بعض من صَحبه يَقُول لَو كَانَ الْفَقِيه أَبُو الْفَتْح فِي السّلف لم تقصر دَرَجَته عَن وَاحِد مِنْهُم لكِنهمْ فاتوه بِالسَّبقِ
وَكَانَت أوقاته كلهَا مستغرقة فِي عمل الْخَيْر من علم وَعمل
وَحكي عَن بعض أهل الْعلم أَنه قَالَ صَحِبت إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَبَا الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ بخراسان ثمَّ قدمت الْعرَاق فصحبت أَبَا إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فَكَانَت طَرِيقَته أفضل من طَريقَة أبي الْمَعَالِي ثمَّ قدمت الشَّام فَرَأَيْت الْفَقِيه أَبَا الْفَتْح فَكَانَت طَرِيقَته أحسن من طريقتهما جَمِيعًا
توفّي الشَّيْخ أَبُو الْفَتْح نصر يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع الْمحرم سنة تسعين وَأَرْبَعمِائَة بِدِمَشْق وَخَرجُوا بجنازته وَقت الظّهْر فَلم يُمكنهُم دَفنه إِلَّا قريب الْغُرُوب لِكَثْرَة النَّاس
وقبره مَعْرُوف فِي بَاب الصَّغِير تَحت قبر مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
قَالَ النَّوَوِيّ سمعنَا الشُّيُوخ يَقُولُونَ الدُّعَاء عِنْد قَبره يَوْم السبت مستجاب