وَقد لَا يفهم كَلَامهم لعدم اشْتِغَاله بِهِ وَإِنَّمَا يرد الْكَلَام من يفهمهُ وَمَتى لم يرد عَلَيْهِ تعلو كَلمته ويعتقد الجهلاء والأمراء والملوك والمستولون على الرّعية صِحَة كَلَام ذَلِك المبتدع كَمَا اتّفق فِي كثير من الْأَعْصَار وَقصرت همم النَّاس عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ المتقدمون
فَكَانَ الوجب أَن يكون فِي النَّاس من يحفظ الله بِهِ عقائد عباده الصَّالِحين وَيدْفَع بِهِ شبه الْمُلْحِدِينَ وأجره أعظم من أجر الْمُجَاهِد بِكَثِير ويحفظ أجر بَقِيَّة النَّاس عبادات المتعبدين واشتغال الْفُقَهَاء والمحدثين والمقرئين والمفسرين وَانْقِطَاع الزاهدين
(لَا يعرف الشوق إِلَّا من يكابده ... وَلَا الصبابة إِلَّا من يعانيها)
واللائق بِابْن الصّلاح وَأَمْثَاله أَن يشْكر الله على مَا أنعم بِهِ من الْخَيْر وَمَا قيض الله لَهُ من الْغَزالِيّ وَأَمْثَاله الَّذين تقدموه حَتَّى حفظوا لَهُ مايتعبد بِهِ وَمَا يشْتَغل بِهِ
وَمَا يحْتَمل هَذَا الْموضع بسط القَوْل فِي ذَلِك
وَإِذا كَانَ فِي الْإِحْيَاء أَشْيَاء يسيرَة تنتقد لَا تدفع محَاسِن أَكْثَره الَّتِي لَا تُوجد فِي كتاب غَيره وَكم من مِنْهُ للغزالي وَسَوَاء عرف من أَخذ عَنهُ التصوف أم لَا فالاعتقادات هِيَ هبة من الله تَعَالَى وَلَيْسَت رِوَايَة انْتهى
وَمَا أَشرت إِلَيْهِ من كَلَام ابْن الصّلاح فِي الْغَزالِيّ هُوَ مَا ذكره فِي الطَّبَقَات من إِنْكَاره عَلَيْهِ الْمنطق وَقَوله فِي أول الْمُسْتَصْفى هَذِه مُقَدّمَة الْعُلُوم كلهَا وَمن لَا يُحِيط بهَا فَلَا ثِقَة بمعلومه أصلا
ثمَّ حكايته كَلَام الْمَازرِيّ وَقد أوردناه