وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو الْعَلَاء الهمذاني لبَعض تلامذته وَقد استأذنه أَن يُسَافر إِن عرفت أستاذا أعلم مني أَو يكون فِي الْفضل مثلي فَحِينَئِذٍ آذن لَك أَن تُسَافِر إِلَيْهِ اللَّهُمَّ إِلَّا أَن تُسَافِر إِلَى الشَّيْخ الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر فَإِنَّهُ حَافظ كَمَا يجب
وَقَالَ شَيْخه الْخَطِيب أَبُو الْفضل الطوسي مَا نَعْرِف من يسْتَحق هَذَا اللقب الْيَوْم سواهُ
يَعْنِي لَفظه الْحَافِظ وَكَانَ يُسمى بِبَغْدَاد شعلة نَار من توقده وذكائه وَحسن إِدْرَاكه لم يجْتَمع فِي شُيُوخه مَا اجْتمع فِيهِ من لُزُوم طَريقَة وَاحِدَة مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة يلازم الْجَمَاعَة فِي الصَّفّ الْمُقدم التطلع إِلَّا من عذر ومانع وَالِاعْتِكَاف والمواظبة عَلَيْهِ فِي الْجَامِع وَإِخْرَاج حق الله وَعدم التطلع إِلَى أَسبَاب الدُّنْيَا وإعراضه عَن المناصب الدِّينِيَّة كالإمامة والخطابة بعد أَن عرضتا عَلَيْهِ
قَالَ وَلَده الْحَافِظ بهاء الدّين أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم قَالَ لي أبي لما حملت بِي أُمِّي رَأَتْ فِي منامها قَائِلا يَقُول لَهَا تلدين غُلَاما يكون لَهُ شَأْن فَإِذا ولدتيه فاحميله إِلَى المغارة يَعْنِي مغارة الدَّم بجبل قاسيون يَوْم الْأَرْبَعين من وِلَادَته وتصدقي بِشَيْء فَإِن الله تَعَالَى يُبَارك لَك وللمسلمين فِيهِ فَفعلت ذَلِك كُله وصدقت الْيَقَظَة منامها ونبهه السعد فأسهره اللَّيَالِي فِي طلب الْعلم وَغَيره سهرها فِي الشَّهَوَات أَو نامها وَكَانَ لَهُ الشَّأْن الْعَظِيم والشأو الَّذِي يجل عَن التَّعْظِيم
وَذكره الْحَافِظ أَبُو سعد بن السَّمْعَانِيّ فِي تَارِيخه فوصفه بِالْحِفْظِ وَالْفضل والإتقان
وَذكره الْحَافِظ ابْن الدبيثي فِي مذيلة عَليّ ابْن السَّمْعَانِيّ لِأَن وَفَاته تَأَخَّرت عَن وَفَاة ابْن السَّمْعَانِيّ ومدحه أَيْضا مدحا كثيرا
وَقَالَ ابْن النجار هُوَ إِمَام الْمُحدثين فِي وقته وَمن انْتَهَت إِلَيْهِ الرياسة فِي الْحِفْظ والإتقان والمعرفة التَّامَّة بعلوم الحَدِيث والثقة والنبل وَحسن التصنيف والتجويد وَبِه ختم هَذَا الشَّأْن