علينا جَارِيَة وَنحن بالربذة وعَلى وَجههَا برقع فَقَالَت يَا معشر الحجيج نفر من عكل ذهب بنعيمهم السَّيْل وشرست عَلَيْهِم الْأَيَّام جدبا جدبا حَتَّى مَا بهم قعدة وَلَا نعجة فَمن يراقب فيهم الدَّار الْآخِرَة وَيعرف لَهُم حق الآصرة جزي خيرا
قَالَ فرضخنا لَهَا وَقُلْنَا لَهَا هَل قلت فِي سوء حالكم شعرًا
قَالَت نعم ثمَّ أنشأت تَقول
(كف الزَّمَان عَلَيْهَا الصَّبْر والصاب ... شلت أناملها عَن الْأَعْرَاب)
(قوم إِذا لَجأ العفاة إِلَيْهِم ... أعْطوا نوافلهم بِغَيْر حِسَاب)
قلت فأمتعينا بِالنّظرِ إِلَى وَجهك فَكشفت الربقع عَن وَجه لَا تهتدي الْقُلُوب لحسن وصفهَا ثمَّ أنشأت تَقول
(الدَّهْر أبدى صفحة قد صانها ... أبواي قبل تغير الْأَيَّام)
(فتمتعوا بعيونكم فِي حسنها ... وانهوا جوارحكم عَن الآثام)
فَكَانَ شعرهَا مِمَّا زادني فِيهَا رَغْبَة فَقلت وَيحك هَل لَك فِيمَن يُغْنِيك ويغني حيك
فَقَالَت وَالله مَا نَحن أَكثر من خَمْسَة نفر أَنا وَأم وأختان وَأَخ لم ييفع بعد وَفِي رزق اللَّه لجَمِيع خلقه غنى عَن اتِّبَاعه بِبيع الْأَنْفس
قلت وَيحك هَذَا التَّزْوِيج الَّذِي أحله اللَّه وَأَنا ابْن عَم نَبِي اللَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَالِي لَا يضبطه الْحساب كَثْرَة
قَالَت إِن فِي جمالك غنى عَن مَالك وَإِن فِيهَا بعدا لنهاية الأمل وَلَكِن لست مِمَّن يضمهن إِلَى الرِّجَال الْجمال وَكَثْرَة المَال
قلت فنصيبك يخلصك من الْفقر الَّذِي أَنْتُم فِيهِ