بِطرف أذربيجان من جِهَة أران أَهلهَا أكراد
وَهُوَ السُّلْطَان الْملك النَّاصِر التقى النقي الْعَالم الذكي الْعَادِل الزكي فاتح الْفتُوح بركَة أهل زَمَانه صَلَاح الدّين المظفر ابْن الْأَمِير الْملك الْأَفْضَل نجم الدّين
ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة بتكريت إِذْ أَبوهُ واليها
وَسمع الحَدِيث من الْحَافِظ أبي طَاهِر السلَفِي وَأبي طَاهِر بن عَوْف وَالشَّيْخ قطب الدّين النَّيْسَابُورِي وَعبد الله بن بري النَّحْوِيّ وَجَمَاعَة
روى عَنهُ يُونُس بن مُحَمَّد الفارقي والعماد الْكَاتِب وَغَيرهمَا
وَكَانَ فَقِيها يُقَال إِنَّه كَانَ يحفظ الْقُرْآن والتنبيه فِي الْفِقْه والحماسة فِي الشّعْر
وَملك الْبِلَاد ودانت لَهُ الْعباد وأحبه الْخلق وَنصر الْإِسْلَام وغزا الفرنج وكسرهم مَرَّات وَفتح المدن الْكِبَار وَأقَام فِي السلطنة أَرْبعا وَعشْرين سنة يُجَاهد فِي سَبِيل الله بِنَفسِهِ وَمَاله
وَكَانَ ملكا عَظِيما شجاعا مهيبا عادلا يمْلَأ الْعُيُون روعة والقلوب محبَّة قَرِيبا بَعيدا عابدا قَانِتًا لله لَا تَأْخُذهُ لومة لائم مَجْلِسه يجمع الْفُضَلَاء والفقراء وَأَصْحَابه كَأَنَّمَا هم على قلب رجل وَاحِد محبَّة فِيهِ واعتقادا وطواعية
وَلَقَد صنف فِي سيرته القَاضِي ابْن شَدَّاد كتابا مُسْتقِلّا وصنف ابْن وَاصل كتابا فِي سيرته وسيرة أهل بَيته وصنف أَبُو شامة فِي سيرته وسيرة الْملك نور الدّين وصنف الْعِمَاد الْكَاتِب فِي فتوحاته وصنف آخَرُونَ فِي شَأْنه وَمَا عَسى الَّذِي نورده بعد مَا أَطَالَ هَؤُلَاءِ ثمَّ اعْتَرَفُوا بالقصور وَالتَّقْصِير فِي حق هَذَا السَّيِّد الْكَبِير ولنأت بِمَا فِيهِ مقنع وبلاغ