الْكُرْسِيّ فِي الْعَرْش كحلقة ملقاة بِأَرْض فلاة
فليت شعري إِذا كَانَ حَدِيث الأوعال يدلك على أَن الله فَوق الْعَرْش فَكيف يجمع بَينه وَبَين طُلُوع الْمَلَائِكَة إِلَى السَّمَاء الَّتِي فِيهَا الله وَكَيف يكون مَعَ ذَلِك فِي السَّمَاء حَقِيقَة ولعلك تَقول إِن المُرَاد بهما جِهَة الْعُلُوّ تَوْفِيقًا فليت شعري أيمكن أَن تَقول بعد هَذَا التَّوْفِيق العاري عَن التَّوْقِيف والتوفيق إِن الله فِي السَّمَاء حَقِيقَة وعَلى السَّمَاء حَقِيقَة وَفِي الْعَرْش حَقِيقَة وعَلى الْعَرْش حَقِيقَة ثمَّ حَقِيقَة السَّمَاء هِيَ هَذِه الْمُشَاهدَة المحسوسة يُطلق عَلَيْهَا هَذَا الِاسْم من لم يخْطر بِبَالِهِ السمو وَأما أصل الِاشْتِقَاق فَذَلِك لَا مزية لَهَا فِيهِ على السّقف والسحاب فَتَبَارَكَ الله خَالق الْعُقُول
ثمَّ قَوْلك بعد ذَلِك الْعَرْش من مخلوقات الله تَعَالَى لَا نِسْبَة لَهُ إِلَّا قدرَة الله وعظمته
وَقع إِلَيْنَا إِلَّا قدرَة الله فَإِن كَانَت بِأَلف لَام ألف كَمَا وَقع إِلَيْنَا فقد نفيت الْعَرْش وَجعلت الْجِهَة هِيَ العظمة وَالْقُدْرَة وَصَارَ معنى كلامك جِهَة الله عَظمته وَقدرته
والآن قلت مَا لَا يفهم وَلَا قَالَه أحد وَإِن كَانَ كلامك بِأَلف لَام يَاء فقد صدقت وَقلت الْحق وَمن قَالَ خلاف ذَلِك ولعمري قد رممنا لَك هَذَا الْمَكَان ولقناك إِصْلَاحه
ثمَّ قلت كَيفَ يتَوَهَّم بعد هَذَا أَن خلقا يحصره أَو يحويه
قُلْنَا نعم وَمن أَي شَيْء بلاؤنا إِلَّا مِمَّن يَدعِي الْحصْر أَو يُوهِمهُ
ثمَّ قلت وَقد قَالَ الله تَعَالَى {ولأصلبنكم فِي جُذُوع النّخل} أَو مَا علمت أَن التَّمَكُّن الاستقراري حَاصِل فِي الْجذع فَإِن تمكن المصلوب فِي الْجذع