(إِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بِكَثْرَة السُّؤَال)
وَورد الْأَمر بالإمساك عَن الْقدر فَكيف عَن الصِّفَات
وَأما الْإِمْسَاك عَن التَّصَرُّف فِي هَذِه الْأَخْبَار والآيات فَهُوَ أَن يَقُولهَا كَمَا قَالَهَا الله تَعَالَى وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يتَصَرَّف فِيهَا بتفسير وَلَا تَأْوِيل وَلَا تصريف وَلَا تَفْرِيق وَلَا جمع
فَأَما التَّفْسِير فَلَا يُبدل لفظ لُغَة بِأُخْرَى فَإِنَّهُ قد لَا يكون قَائِما مقَامه فَرُبمَا كَانَت الْكَلِمَة تستعار فِي لُغَة دون لُغَة وَرُبمَا كَانَت مُشْتَركَة فِي لُغَة دون لُغَة وَحِينَئِذٍ يعظم الْخطب بترك الِاسْتِعَارَة وباعتقاد أَن أحد الْمَعْنيين هُوَ المُرَاد بالمشترك
وَأما التَّأْوِيل فَهُوَ أَن يصرف الظَّاهِر وَيتَعَلَّق بالمرجوح فَإِن كَانَ عاميا فقد خَاضَ بحرا لَا سَاحل لَهُ وَهُوَ غير سابح وَإِن كَانَ عَالما لم يجز لَهُ ذَلِك إِلَّا بشرائط التَّأْوِيل وَلَا يدْخل مَعَ الْعَاميّ فِيهِ لعجز الْعَاميّ عَن فهمه
وَأما كف بَاطِنه فلئلا يتوغل فِي شَيْء يكون كفرا وَلَا يتَمَكَّن من صرفه عَن نَفسه وَلَا يُمكن غَيره ذَلِك
وَأما اعْتِقَاده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلم ذَلِك فليعلمه وَلَا يقس نَفسه بِهِ وَلَا بِأَصْحَابِهِ وَلَا بأكابر الْعلمَاء فالقلوب معادن وجواهر
ثمَّ الْكَلَام بعد هَذَا فِي فصلين أَحدهمَا فِي تَنْزِيه الله تَعَالَى عَن الْجِهَة فَنَقُول
الأول أَن الْقَوْم إِن بحثوا بالأخبار والْآثَار فقد عرفت مَا فِيهَا وَأَنَّهُمْ مَا ظفروا بصحابي وَلَا تَابِعِيّ يَقُول بمقالتهم على أَن الْحق فِي نفس الْأَمر أَن الرِّجَال تعرف بِالْحَقِّ وَلَا يعرف الْحق بِالرِّجَالِ وَقد روى أَبُو دَاوُد فِي سنَنه عَن معَاذ رَضِي الله عَنهُ