وَكَانَ من تِلَاوَة الْقُرْآن وَكَثْرَة التَّعَبُّد وَقيام اللَّيْل وسلامة الصَّدْر وَعدم الِاخْتِلَاط بأبناء الدُّنْيَا بمَكَان
استنبته فِي الحكم بِدِمَشْق وَنزلت لَهُ عَن تدريس التقوية ثمَّ تدريس الناصرية وَكَانَ قد درس قبلهمَا فِي حَيَاة الْوَالِد رَحمَه الله بالحلقة القوصية بالجامع فَاجْتمع لَهُ التداريس الثَّلَاثَة مَعَ إِعَادَة الركنية وإعادة العالدية الصُّغْرَى وتصدير على الْجَامِع وإمامة الكلاسة
وَكَانَ الْوَالِد رَحمَه الله يُحِبهُ وَكَانَ هُوَ يحضر دروس الْوَالِد وَيسمع كَلَامه
وسألني مَرَّات أَن يقْرَأ عَلَيْهِ شَيْئا فَمَا تهَيَّأ لَهُ لَكنا كُنَّا نطالع فِي ليَالِي الشتَاء سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة أَو أَربع وَأَرْبَعين بدار الحَدِيث الأشرفية الرَّافِعِيّ أَنا والغزي وتاج الدّين المراكشي فِي غَالب اللَّيْل وَيخرج الْوَالِد فِي بعض الْأَحَايِين وَيجْلس مَعنا فَيسمع قراءتي تَارَة وقراءته أُخْرَى وَيَأْخُذ عَنهُ
توفّي الْغَزِّي لَيْلَة الْأَحَد رَابِع عشر رَجَب سنة سبعين وَسَبْعمائة بمنزله بالعادلية الصُّغْرَى بِدِمَشْق فَإِنَّهُ كَانَ معيدها
وَسكن فِي بَيت التدريس أَعَارَهُ إِيَّاه مدرسها الشَّيْخ جمال الدّين ابْن قَاضِي الزبداني فسكن فِيهِ مُدَّة سِنِين
وَدفن من الْغَد بتربتنا بسفح قاسيون وَالنَّاس عَلَيْهِ باكون متأسفون فَإِنَّهُ حكم بِدِمَشْق نَحْو أَربع عشرَة سنة لَا يعرف مِنْهُ غير لين الْجَانِب وخفض الْجنَاح وَحسن الْخلق مَعَ لُزُوم التَّقْوَى ومحبة الْفُقَرَاء