مِنْهَا أما بعد فَإِن غَرِيب الدَّار وَإِن نَالَ منَاط الثريا فَيَكْفِي أَن يُقَال غَرِيب وبعيد المزار وَلَو تهَيَّأ لَهُ مَا تهيا فَمَا لَهُ فِي الرَّاحَة مِنْهُم نصيب ولمشقة الغربة ازدادت رُتْبَة الْهِجْرَة فِي الْعِبَادَة وشرفت الْوَفَاة حَتَّى جَاءَ موت الْغَرِيب شَهَادَة والغربة كربَة وَلَو كَانَت بَين الْأَقَارِب ومفارقة الأوطان صعبة وَلَو عَن سم العقارب وأنى يُقَاس بِبِلَاد الغربة وَإِن شرف قدرهَا وعذب شرابها
(بِلَاد بهَا نيطت عَليّ تمائمي ... وَأول أَرض مس جلدي ترابها)
وَالْخطْبَة طَوِيلَة فائقة اقتصرنا مِنْهَا على مَا أوردناه
سَمِعت الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أَبَا الْفَتْح يَقُول اسْم كلاب بن مرّة جد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُهَذّب وَعزا ذَلِك لِابْنِ سعد وَهِي فَائِدَة لم أَجدهَا فِي شَيْء من كتب السّير
رَأَيْت فِي الْقطعَة الَّتِي عَملهَا شَيخنَا تَقِيّ الدّين أَبُو الْفَتْح شرحا على التَّنْبِيه فِي بَاب الزَّكَاة أَن السَّائِمَة إِذا كَانَت عاملة فَالَّذِي يظْهر عِنْده مَا صَححهُ الْبَغَوِيّ من وجوب الزَّكَاة فِيهَا بِحُصُول الرِّفْق بالإسامة وَزِيَادَة فَائِدَة الِاسْتِعْمَال خلافًا للرافعي وَالنَّوَوِيّ حَيْثُ صححا أَنه لَا زَكَاة فِيهَا
ثمَّ تلكم أَبُو الْفَتْح على مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا لَيْسَ فِي العوامل صَدَقَة وَضَعفه وأجاد فِي تَعْلِيله
وَهَذَا الَّذِي عمله أَبُو الْفَتْح من شرح التَّنْبِيه حسن جدا حافل جَامع مَعَ غَايَة الِاخْتِصَار وَقد أَكثر فِيهِ النَّقْل عَن الشَّيْخ الْوَالِد وزينه بمحاسن شرح الْمِنْهَاج وَحَيْثُ يَقُول فِيهِ قَالَه شَيخنَا أبقاه الله يُشِير إِلَى كَلَام الْوَالِد رَحمَه الله فِي شرح الْمِنْهَاج أَو غَيره من تصانيفه