(ترى عَيْنَيْك مَا لم ترياه ... كِلَانَا عَالم بالترهات)
قَالَ القَاضِي أَرَاك شَابًّا فَاضلا ولصا عَاقِلا ذَا وَجه صبيح ولسان فصيح ومنظر وشارة وبراعة وَعبارَة
قَالَ اللص هُوَ كَمَا تذكر وَفَوق مَا تنشر
قَالَ القَاضِي فَهَل لَك إِلَى خصْلَة تعقبك أجرا وتكسبك شكرا وَلَا تهتك مني سترا وَمَعَ ذَلِك فَإِنِّي مُسلم الثِّيَاب إِلَيْك ومتوفر بعْدهَا عَلَيْك
قَالَ اللص وَمَا هَذِه الْخصْلَة
قَالَ القَاضِي تمْضِي إِلَى الْبُسْتَان معي فأتوارى بالجدران وَأسلم إِلَيْك الثِّيَاب وتمضي على المسار والمحاب
قَالَ اللص سُبْحَانَ الله تشهد لي بِالْعقلِ وتخاطبني بِالْجَهْلِ وَيحك من يؤمنني مِنْك أَن يكون لَك فِي الْبُسْتَان غلامان جلدان علجان ذَوا سواعد شَدِيدَة وَقُلُوب غير رعيدة يشداني وثاقا ويسلماني إِلَى السُّلْطَان فَيحكم فِي آراءه وَيَقْضِي عَليّ بِمَا شاءه
قَالَ لَهُ القَاضِي لعمري إِنَّه من لم يفكر فِي العواقب فَلَيْسَ لَهُ الدَّهْر بِصَاحِب وخليق بالوجل من كَانَ السُّلْطَان لَهُ مراصدا وحقيق بإعمال الْحِيَل من كَانَ للسيئات قَاصِدا وسبيل الْعَاقِل أَن لَا يغتر بعدوه بل يكون مِنْهُ على حذر وَلَكِن لَا حذر من قدر وَلَكِن أَحْلف لَك ألية مُسلم وَجهد مقسم أَنِّي لَا أوقع بك مكرا وَلَا أضمر لَك غدرا