إِجْمَاعًا لِأَنَّهُ لَا تعَارض وَالْحَالة هَذِهِ وَلَا يَقُول منا أحد بِتَقْدِيم التَّعْدِيل لَا من قَالَ بتقديمه عِنْد التَّعَارُض وَلَا غَيره
وعبارتنا فِي كتَابنَا جمع الْجَوَامِع وَهُوَ مُخْتَصر جمعناه فِي الْأَصْلَيْنِ جمع فأوعى وَالْجرْح مقدم إِن كَانَ عدد الْجَارِح أَكثر من الْمعدل إِجْمَاعًا وَكَذَا إِن تَسَاويا أَو كَانَ الْجَارِح أقل وَقَالَ ابْن شعْبَان بِطَلَب التَّرْجِيح
انْتهى
وَفِيه زِيَادَة عَلَى مَا فِي مختصرات أصُول الْفِقْه فَإنَّا نبهنا فِيهِ عَلَى مَكَان الْإِجْمَاع وَلم ينبهوا عَلَيْهِ وحكينا فِيهِ مقَالَة ابْن شعْبَان من الْمَالِكِيَّة وَهِي غَرِيبَة لم يشيروا إِلَيْهَا وأشرنا بقولنَا يطْلب التَّرْجِيح إِلَى أَن النزاع إِنَّمَا هُوَ فِي حَالَة التَّعَارُض لِأَن طلب التَّرْجِيح إِنَّمَا هُوَ فِي تِلْكَ الْحَالة
وَهَذَا شَأْن كتَابنَا جمع الْجَوَامِع نفع اللَّه بِهِ غَالِبا ظننا أَن فِي كل مَسْأَلَة فِيهِ زيادات لَا تُوجد مَجْمُوعَة فِي غَيره مَعَ البلاغة فِي الِاخْتِصَار
إِذا عرفت هَذَا علمت أَنه لَيْسَ كل جرح مقدما
وَقد عقد شَيخنَا الذَّهَبِيّ رَحمَه اللَّه تَعَالَى فصلا فِي جمَاعَة لَا يعبأ بالْكلَام فيهم بل هم ثِقَات عَلَى رغم أنف من تفوه فيهم بِمَا هم عَنهُ بُرَآء وَنحن نورد فِي تَرْجَمته محَاسِن ذَلِك الْفَصْل إِنْ شَاءَ اللَّهُ
ولنختم هَذِهِ الْقَاعِدَة بفائدتين عظيمتين لَا يراهما النَّاظر أَيْضًا فِي غير كتَابنَا هَذَا
إِحْدَاهمَا أَن قَوْلهم لَا يقبل الْجرْح إِلَّا مُفَسرًا إِنَّمَا هُوَ أَيْضًا فِي جرح من ثبتَتْ عَدَالَته واستقرت فَإِذا أَرَادَ رَافع رَفعهَا بِالْجرْحِ قِيلَ لَهُ ائْتِ ببرهان عَلَى هَذَا أَو فِيمَن لم يعرف حَاله وَلَكِن ابتدره جارحان ومزكيان فَيُقَال إِذْ ذَاك للجارحين فسرا مَا رميتماه بِهِ
أما من ثَبت أَنه مَجْرُوح فَيقبل قَول من أطلق جرحه لجريانه عَلَى الأَصْل الْمُقَرّر عندنَا وَلَا نطالبه بالتفسير إِذْ لَا حَاجَة إِلَى طلبه
والفائدة الثَّانِيَة أَنا لَا نطلب التَّفْسِير من كل أحد بل إِنَّمَا نطلبه حَيْثُ يحْتَمل الْحَال شكا إِمَّا لاخْتِلَاف فِي الِاجْتِهَاد أَو لتهمة يسيرَة فِي الْجَارِح أَو نَحْو ذَلِك مِمَّا لَا يُوجب