فِي حَقه من حمد وذم فَهُوَ كمن يذكر بَين يَدَيْهِ بعض النَّاس فَيَقُول دَعونَا مِنْهُ وَإنَّهُ عَجِيب أَو اللَّه يصلحه فيظن أَنه لم يغتبه بشئ من ذَلِك وَمَا يظنّ أَن ذَلِك من أقبح الْغَيْبَة
وَلَقَد وقفت فِي تَارِيخ الذَّهَبِيّ رَحمَه اللَّه عَلَى تَرْجَمَة الشَّيْخ الْمُوفق بْن قدامَة الْحَنْبَلِيّ وَالشَّيْخ فَخر الدّين بْن عَسَاكِر وَقد أَطَالَ تِلْكَ وَقصر هَذِهِ وأتى بِمَا لَا يشك لَبِيب أَنه لم يحملهُ عَلَى ذَلِك إِلَّا أَن هَذَا أشعري وَذَاكَ حنبلي وسيقفون بَين يَدي رب الْعَالمين
وَكَذَلِكَ مَا أحسن قَول الشَّيْخ الإِمَام وَأَن لَا يغلبه الْهوى فَإِن الْهوى غلاب إِلَّا لمن عصمه اللَّه
وَقَوله فإمَّا أَن يتجرد عَن الْهوى أَو يكون عِنْده من الْعدْل مَا يقهر بِهِ هَوَاهُ عندنَا فِيهِ زِيَادَة فَنَقُول
قد لَا يتجرد عَن الْهوى وَلَكِن لَا يَظُنّهُ هوى بل يَظُنّهُ لجهله أَو بدعته حَقًا وَذَلِكَ لَا يتطلب مَا يقهر هَوَاهُ لِأَن المستقر فِي ذهنه أَنه محق وَهَذَا كَمَا يفعل كثير من المتخالفين فِي العقائد بَعضهم فِي بعض فَلَا يَنْبَغِي أَن يقبل قَول مُخَالف فِي العقيدة عَلَى الْإِطْلَاق إِلَّا أَن يكون ثِقَة وَقد رَوَى شَيْئا مضبوطا عاينه أَو حَقَّقَهُ
وَقَوْلنَا مضبوطا احترزنا بِهِ عَن رِوَايَة مَا لَا يَنْضَبِط من الترهات الَّتِي لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا عِنْد التَّأَمُّل والتحقق شئ
وَقَوْلنَا عاينه أَو حَقَّقَهُ ليخرج مَا يرويهِ عَمَّن غلا أَو رخص ترويجا لعقيدته
وَمَا أحسن اشْتِرَاطه الْعلم وَمَعْرِفَة مدلولات الْأَلْفَاظ فَلَقَد وَقع كَثِيرُونَ لجهلهم بِهَذَا وَفِي كتب الْمُتَقَدِّمين جرح جمَاعَة بالفلسفة ظنا مِنْهُم أَن علم الْكَلَام فلسفة إِلَى أَمْثَال ذَلِك مِمَّا يطول عده
فقد قِيلَ فِي أَحْمَد بْن صَالح الَّذِي نَحن فِي تَرْجَمته إِنَّه يتفلسف وَالَّذِي قَالَ هَذَا لَا يعرف الفلسفة
وَكَذَلِكَ قِيلَ فى أَبى حَاتِم الرازى وَإِنَّمَا كَانَ رجلا متكلما