الشاسع فِي المشاجرة وَكَانَ أسدا لَا يغالب وبحرا تتدفق أمواجه بالعجائب ومحققا يلوح بِهِ الْحق ويستبين ومدققا يظْهر من خفايا الْأُمُور كل كمين
وَكَانَ من الْأَوَّابِينَ الْمُتَّقِينَ ذَوي التَّقْوَى والورع وَالدّين المتين
وَعنهُ أَخذ الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد الْأَصْلَيْنِ وَبِه تخرج فِي المناظرة وَفِيه يَقُول عِنْد مَوته من قصيدة رثاه بهَا
(فَلَا تعذلنه أَن يبوح بوجده ... على عَالم أوري بلحد مقدس)
(تعطل مِنْهُ كل درس وَمجمع ... وأقفر مِنْهُ كل نَاد ومجلس)
(وَمَات بِهِ إِذا مَاتَ كل فَضِيلَة ... وَبحث وَتَحْقِيق وتصفيد مُفلس)
(وإعلاء دين الله إِن يبد زائغ ... فيخزيه أَو يهدي بِعلم مؤسس)
قلت مَاذَا عَسى الواصف أَن يَقُول فِي الشَّيْخ الْبَاجِيّ بعد مقَالَة الشَّيْخ الإِمَام الَّذِي كَانَ لَا يحابي أحدا فِي لَفْظَة فِي حَقه هَذِه الْمقَالة
وَكَانَ شيخ الْإِسْلَام تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد كثير التَّعْظِيم للشَّيْخ الْبَاجِيّ وَيَقُول لَهُ إِذا ناداه يَا إِمَام
سَمِعت الشَّيْخ الإِمَام رَحمَه الله يَقُول كَانَ ابْن دَقِيق الْعِيد لَا يُخَاطب أحدا السُّلْطَان أَو غَيره إِلَّا بقوله يَا إِنْسَان غير اثْنَيْنِ الْبَاجِيّ وَابْن الرّفْعَة يَقُول للباجي يَا إِمَام وَلابْن الرّفْعَة يَا فَقِيه
وَكَانَ الْبَاجِيّ أعلم أهل الأَرْض بِمذهب الْأَشْعَرِيّ فِي علم الْكَلَام وَكَانَ هُوَ بِالْقَاهِرَةِ والهندي بِالشَّام القائمين بنصرة مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ والباجي أذكى قريحة وأقدر على المناظرة