وَحدث عَن ابْن عبد الدَّائِم بِالْإِجَازَةِ وَقَرَأَ أصُول الْفِقْه على الْبُرْهَان المراغي بِدِمَشْق وَأقَام بِدِمَشْق مُدَّة ثمَّ انْتقل إِلَى مصر وَتَوَلَّى قَضَاء الْمحلة فَانْصَرف إِلَيْهَا وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ عَاد إِلَى الْقَاهِرَة ودرس للمحدثين بالقبة المنصورية وشاع اسْمه حَتَّى ضربت بِهِ الْأَمْثَال
وَكَانَ قد ولع فِي آخر عمره بمناقشة الشَّيْخ محيي الدّين النَّوَوِيّ وَأكْثر من ذَلِك وَكتب على الرَّوْضَة حَوَاشِي وقف وَالِدي أَطَالَ الله عمره على بَعْضهَا وَأجَاب عَن كَلَامه
توفّي بمسكنه على شاطئ النّيل فِي خَامِس عشر شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة
وَكَانَ بَينه وَبَين الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد رَحمَه الله مَا يكون بَين الأقران وَلم يحفظ أحد عَن الشَّيْخ الإِمَام فِي حَقه كلمة سوء وَقد كَانَ الشَّيْخ الإِمَام رَحمَه الله لَا يغتاب أحدا لَا ابْن الكتاني وَلَا غَيره
وحَدثني الشَّيْخ نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مَحْمُود البساسي أعَاد الله علينا من بركاته قَالَ جرت بَينهمَا مناظرة فَنقل الشَّيْخ الإِمَام عَن الشَّيْخ أبي إِسْحَاق مَسْأَلَة فِي الْأُصُول ثمَّ انصرفا قَالَ نَاصِر الدّين فرآني ابْن الكتناني فَقَالَ لي قل لصاحبك يَعْنِي الشَّيْخ الإِمَام الَّذِي نقلته عَن الشَّيْخ لَيْسَ هُوَ فِي اللمع
قَالَ نَاصِر الدّين فَجئْت فَوجدت الشَّيْخ الإِمَام رَاكِبًا فَحَدَّثته فَقَالَ هَات دَوَاة فَأخذت لَهُ دَوَاة من الْكتاب فَكتب
(سَمِعت بإنكار مَا قلته ... عَن الشَّيْخ إِذْ لم يكن فِي اللمع)
(ونقلي لذَلِك من شَرحه ... وَخير خِصَال الْفَقِيه الْوَرع)